كتاب العقد المنظوم في الخصوص والعموم (اسم الجزء: 2)

قتلنا مشركًا واحدًا ثم وجدنا آخر لم يجب قتله، لأشكل فهم العموم غاية الإشكال، كذلك ها هنا إذا لم يتكرر الطلاق يشكل قولهم بأن هذه الصيغ للعموم.
أما إذا فهمت هذه القاعدة، اتجه لك وجه الجمع بين قولهم بالعموم، وبين قولهم: الطلاق لا يتكرر، بأن يحمل الكلامين على أنه من باب تعليق المطلق على العام، كما لو صرح وقال: التزمت طلقة واحدة، لا يتكرر في جميع الأزمنة، أو في جميع البقاع، فلا خفاء حينئذ أن العموم حاصل من صيغة "كل" و"جميع"، ومع ذلك لا يتكرر الطلاق عليه؛ لأنه صدر بعدم/ التكرار، والتزام مطلق الطلاق فقط من غير تكرر.
فإن قلت: ما مدركهم في قولهم: إن هذه الصيغ للعموم، ولم يجوزوا أن تكون مطلقة مثل "إن" وليس معنا من تكرر الطلاق ما يضطرهم إلى ذلك؟
قلت: مدركهم في ذلك فهمهم عن العرب في موارد الاستعمال العموم هو مدركهم، وهو المدرك في جميع اللغات، فمهما فهم معنى عند إدراك لفظ، قيل: هو مسمى ذلك اللفظ، وهم أمناء فيما يقولون عن فهمهم وحجة في ذلك، فهذا أمر وجداني، يعتمد فيه على الثقة بالناقل ليس إلا، مضافًا إلى صحة الاستثناء، وغير ذلك من الأدلة المذكورة في العموم، فلما تقرر ذلك عندهم في موارد الاستعمال، اعتقدوا العموم في هذه الصيغ، ونحن نقلدهم فيما فهموه ونقلوه، كما نقلدهم في جميع الأوضاع اللغوية.
وأما الفرق بين "إذا" الشرطية و"إن"، فهو أن "إذا" الشرطية تدل على

الصفحة 32