كتاب العقد المنظوم في الخصوص والعموم (اسم الجزء: 2)

وأما "إذا" لم يكن شرطًا بل ظرفًا محضًا كقوله: آتيك إذا احمر البسر، وإذا قدم الحاج، فليست مساوية لـ "متى" و "أين" في الظرفية والتعليق، لانخرام أحدهما وهو التعليق، وإذا انتفت المساواة تردد الفعل ووقف عن التسوية في الحكم.
فإن قلت: ما قدمته من إضافة اسم الزمن واقتضائه للعموم موجود هاهنا، فهو نقض على ذلك الدليل، والأصل عدم النقض، فإن الظروف كلها مضافة لما بعدها بإجماع النحاة، كانت شرطًا أم لا، واسم الجنس إذا أضيف يعم ما تقدم.
قلت: الإضافة موجودة، غير أن الجزئي قد يضاف، كقولنا: عبدي حر، وامرأته طالق، ودرهمه/ زائف، ونحو ذلك. وقد تضاف الحقيقة الكلية من حيث هي هي، فيحصل العموم في الثاني دون الأول، والعلم بأن المضاف جزئي أو كلي يرجع إلى فهم السامع في موارد الاستعمال، فلا يهم أحد في تلك المثل من العبد والزوجة إلا الجزئي، ولا يفهم أحد من قوله - صلى الله عليه وسلم - في المياه والميتة إلا العموم، وأن المضاف الماهية الكلية، دون القصد إلى جزئي.
ولو قيل: ما الدليل على ذلك، لعجزنا عن إقامته، لسبب أن الوجدانيات يتعذر إقامة الدليل عليها، فلا يقدر أحد أن يقيم دليلا على أنه مغتم أو مسرور أو جائع، ونحو ذلك، وقد قال العلماء: أربعة لا يقام فيها الدليل، ولا يقال فيها: لم؟ ولا يطالب فيها بدليل: الحدود،

الصفحة 35