كتاب العقد المنظوم في الخصوص والعموم (اسم الجزء: 2)
زيد، ويكون قوله: زيد، جوابًا مطابقًا، مع أن زيدًا يستحيل أن ينطبق على العموم؛ لأن الجزئي المحصور الفرد الواحد يستحيل أن ينطبق على العدد الذي لا يتناهى، ومدلول العموم عدد غير متناه، فلا ينطبق عليه زيد، مع أنه منطبق "عليه" إجماعًا.
وما سبب ذلك إلا أن العموم إنما هو باعتبار شمول الحكم لأفراد غير متناهية، وها هنا في قولنا: من في الدار؟ حكمان: أحدهما: الكون في الدار، والثاني: الاستفهام.
والعموم إنما هو باعتبار حكم الاستفهام، لا باعتبار حكم الكون، فهو- أعني المستفهم- معمم لحكمه في جميع أفراد العقلاء باستفهامه، ومعنى كلامه: أني سائلك عن أي فرد كان من "أفراد" العقلاء هل وجد كونه في الدار أم لا؟ وهل هو على صفة الاجتماع أو الافتراق؟ فجميع رتب أعداد العقلاء وأفرادهم مستفهم عنه وعن عدمه.
فمن هذا الوجه حصل العموم لا باعتبار حكم الكون، فإن حكم الكون قد لا يوجد ألبتة، فضلا عن كونه يعم، ولذلك يحسن في الجواب: ليس في الدار أحد ألبتة، فلا يوجد شيء من الكون.
وقولنا: زيد، ليس هو [منطبق] على الحكم الذي حصل به العموم، بل الحكم الآخر لا عموم فيه وهو الكون.
فقولنا: زيد، مطابق للواقع في المستفهم عنه، لا لحكم العموم، فما فيه المطابقة لا عموم فيه، وما فيه العموم لا مطابقة فيه، فافترق اليابان.
ونظير ذلك أن قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين} عام فيما لا يتناهى
الصفحة 6
568