كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)
بذلك، على أنه في أخبارنا حظر، وفي خبرهم إباحة، والحاظر أولى.
وقد أجاب ابن بطة عن هذا الحديث بنحو ما أجبنا به، وإن كان مخصوصًا من وجهين: أحدهما: ما تقدم من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، وقولها: أفنصليهما إذا فاتتنا؟ قال: "لا".
والثاني: حيث (¬1) يتنفّل بها من غير أن يكون لها سبب؛ لأنها أخبرت عن دوام فعله، وما لا سبب له لا يجوز له لا يجوز لغيره. وفي لفظ آخر بإسناده عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل، وينهى عن الوصال (¬2)، وبين من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى: {نَافِلَةً لَكَ}، فيكون ما يتنفل به غيره جبرانًا لفريضته، وتمامًا لنقصه، وما يتنفل به هو - صلى الله عليه وسلم - فضل له على مفترضه، وعلو في درجته، وكما خُصَّ - عليه السلام - بالموهوبة (¬3)، وبعدد الزوجات، وغير ذلك.
واحتج: بما روى جبير بن مطعِم - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "يا بني
¬__________
(¬1) في الأصل: حديث.
(¬2) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: من رخَّص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، رقم (1280)، وفي سنده محمد بن إسحاق: مدلّس، وقد عنعن، وقال الألباني عن الحديث: (منكر). ينظر: السلسلة الضعيفة رقم (945).
(¬3) مستفاد من قوله تعالى في سورة الأحزاب، آية 50: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.