كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)
كتبهن الله على عباده في اليوم والليلة"، قال: هل عليَّ غيرُهن؟ قال: "لا، إلا أن تطوَعَّ" ... إلى أن قال: واللهِ! لا أزيد على هذا، ولا أنقص، فقال: "أفلح إن صدق" (¬1)، وروي: "أفلح - والله - إن صدق" (¬2)، وروي: "دخل الجنة - والله - إن صدق" (¬3)، ففي هذا الخبر دليلٌ على نفي وجوب الوتر من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه قال: "خمس صلوات كتبهن الله على عباده"، فدل على أن السادسة غير مكتوبة عليهم، والثاني: أن غيرها تطوع، والثالث: أن الأعرابي لما قال: لا أزيد عليها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح - والله - إن صدق"، فلو كان الوتر واجبًا، لزمه أن يزيد عليها.
فإن قيل: الخبر ينفي كونَ الوتر مكتوبة، ونحن نقول: إنه ليس بمكتوبة، فلا يلزمنا.
قيل له: الكتابة عبارة عن الثبوت، وما يأثم بتأخيره، ويجب فعله، والذي يدل عليه مكتوب في اللوح، ومنه قوله: "جرى القلم بما هو كائن
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب: الإيمان، باب: الزكاة من الإسلام، رقم (46)، ومسلم في كتاب: الإيمان، باب: بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، رقم (11).
(¬2) ذكرها ابن عبد البر في التمهيد (14/ 367)، من رواية إسماعيل بن جعفر.
(¬3) أخرجها البخاري بدون القسم، في كتاب: الصوم، باب: وجوب صوم رمضان، رقم (1891)، والبيهقي في كتاب: الصلاة، باب: ذكر البيان أن لا فرض في اليوم والليلة من الصلوات أكثر من خمس، رقم (4446)، واللفظ له.