كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)

والجواب: أنه لو ثبت هذا الخبر، احتمل أن يكون في الوقت الذي كان يعاد فيه الفرض مرتين.
واحتج: بما روى عمرو بن دينار عن جابر - رضي الله عنهما -: أن معاذًا - رضي الله عنه - كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم ينصرف إلى قومه، فيصلي بهم (¬1)، فهي له تطوع، ولهم فريضة.
والجواب: أن معاذًا - رضي الله عنه - كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - النفل، ويصلي بقومه الفرض، والدليل على ذلك: أن قومه شكوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله! إنا نظل في أعمالنا طول النهار، ثم نصلي خلف معاذ، فيقرأ بالبقرة وآل عمران، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أفتانٌ أنت يا معاذ؟ ! إما أن تخفف بهم الصلاة، وإما أن تجعل صلاتك معنا" (¬2)، فأشار إلى صلاته المعهودة، وصلاته المعهودة هي صلاة الفريضة، فلو كان ما يفعله معاذ خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فريضة له، لما قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وإما أن تجعل صلاتك معنا"؛ لأنه كان يجعل صلاته معهم، فدل هذا على صحة ما قلناه، وهو أنه كان يصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - نفلًا، ثم يصلي بقومه فرضًا.
فإن قيل: قول جابر: ثم ينصرف إلى قومه، فيصلي بهم، وهو له
¬__________
= الوهم (2/ 475)، والتلخيص (3/ 1056)، وتهذيب السنن (2/ 72).
(¬1) مضى تخريجه في (2/ 322).
(¬2) أخرجه بنحوه الإمام أحمد في المسند رقم (20699)، قال ابن رجب: (مرسل)، بل قال ابن عبد البر: (لفظ منكر لا يصح عن أحد يحتج بنقله). ينظر: الاستذكار (5/ 389)، والفتح (4/ 231).

الصفحة 333