كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)
فإن قيل: كيف يجوز أن يظن بمعاذ: أنه كان يترك فضيلة أداء الفرض خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويؤدي خلفه النفلَ، ومع قومه [الفرضَ] (¬1).
قيل له: يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يؤم قومه، ويصلي بهم الفرض، فكان امتثاله لأمره أفضل من أداء فرضه معه، وعلى أنه لو ثبت أن معاذًا كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الفرض، ثم يصلي بقومه بعد ذلك، لم يكن في الخبر دلالة على موضع الخلاف؛ لأنه ليس فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك، فأقره عليه، وفعلُ الصحابي لا يثبت به حجة، إلا أن يعلم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيقره عليه، ألا ترى أن عمر - رضي الله عنه - قال لرفاعة بن رافع حين أخبره أنهم كانوا يجامعون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يغتسلون إلا بعد الإنزال: أفأخبرتم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فرضيَه (¬2)؟ فأخبر أن فعلهم ليس بحجة إلا بعد إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ورُوي عن سعد بن وقاص - رضي الله عنه -: أنه قال: كان منا من يرمي بست، ومنا من يرمي بسبع (¬3). ولم يكن ذلك حجة؛ لأنه لم يقره النبي - صلى الله عليه وسلم -
¬__________
(¬1) بياض في الأصل بمقدار كلمة، والكلام يستقيم بالمثبت، وينظر: الانتصار (2/ 445).
(¬2) أخرج نحوه الإمام أحمد في المسند رقم (21096)، والطبراني في الكبير رقم (4537)، قال الهيثمي في المجمع (1/ 266): (رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات، إلا أن ابن إسحاق مدلس، وهو ثقة، وفي الصحيح طرف منه).
(¬3) أخرجه الإمام أحمد في المسند رقم (1439)، والنسائي في كتاب: مناسك =