كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)

وأجاز فركه، وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله - (¬1).
وقال مالك - رحمه الله -: هو نجس، إلا أنه لا بد من غسله، رطبًا كان أو يابسًا (¬2).
وجه الرواية الأولة في طهارته: ما روى أبو بكر النجاد في كتاب: الطهارة، بإسناده عن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المني يصيب الثوب؟ قال: "إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق، وإنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو إِذْخِرَة" (¬3)، فمن هذا الخبر دليلان: أحدهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَمِطْه بإِذخره"، وهذا صفة المني الرطب؛ لأن اليابس لا تصح إماطته، وعندهم: يجب غسله إذا كان رطبًا.
والثاني: شبهه بالمخاط، والبصاق، وذلك يقتضي طهارته.
فإن قيل: الصحيح من هذا الخبر: أنه موقوف على ابن عباس - رضي الله عنهما -، هكذا قال أحمد - رحمه الله - في رواية صالح (¬4)، وحنبل، ورُوي عن ابن
¬__________
(¬1) ينظر: مختصر الطحاوي ص 31، ومختصر اختلاف العلماء (1/ 133).
(¬2) ينظر: المدونة (1/ 21)، والمعونة (1/ 120).
(¬3) أخرجه الدارقطني، باب: ما ورد في طهارة المني، رقم (447)، وأشار إلى وقفه على ابن عباس، والبيهقي في كتاب: الصلاة، باب: المني يصيب الثوب، رقم (4176)، وبيّن أن المرفوع لا يصح، وأنه صحيح من قول ابن عباس - رضي الله عنهما - كما ذكر المؤلف، قال ابن تيمية: (هذه الفتيا ... ثابتة عن ابن عباس ... وأما رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمنكر باطل لا أصل له). ينظر: الفتاوى (21/ 590).
(¬4) في مسائله رقم (1030).

الصفحة 36