كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)
من هذا الوجه، لم يصح بناء إحداهما على الأخرى، كما قال أبو حنيفة، ومالك - رحمهما الله -: إذا أحرم بالصلاة منفردًا، ثم ائتم بغيره (¬1)، وكما قالوا جميعًا (¬2): إذا أحرم بالظهر، ثم نوى بها العصر، أو الظهر، فنوى بها الجمعة، فإنه لا يصح، كذلك ها هنا.
واحتج المخالف: بما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بتُّ عند خالتي ميمونة - رضي الله عنها -، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل، فقمت فوقفت على يساره، فأدارني عن يمينه (¬3)، فوجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد أحرم بالصلاة منفردًا، ثم صار إمامًا.
والجواب: أن تلك الصلاة كانت نافلة من صلاة الليل، ونحن نجيز ذلك، وخلافنا في صلاة الفرض.
واحتج: بأنها صلاة افتتحها فرادى، ثم صار فيها إمامًا، فصحت؛ دليله: صلاة النافلة.
والجواب: أنه يبطل به إذا أحرم بالظهر منفردًا، ثم صار إمامًا في الجمعة، وعلى أن القياس في النفل كان يقتضي أن لا يجوز، لكن تركنا
¬__________
(¬1) في الأصل: بغير.
(¬2) عند الحنفية لا تأثير لتغيير النية. ينظر: التجريد (1/ 462)، والهداية (1/ 63).
وهو عند المالكية، والشافعية كما ذكر المؤلف. ينظر: التلقين ص 87، والقوانين الفقهية ص 45، والأم (2/ 224)، والمهذب (1/ 233).
(¬3) مضى تخريجه في (1/ 502).