كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)
غسله إذا كان رطبًا، دليله: البصاق، والمخاط.
ولأنه مائع ينشر الحرمة، فكان طاهرًا؛ كاللبن من آدمية، ونشر الحرمة به ما ينعقد منه من البنوة، ولأنه مبتدأ خلق البشر، فكان طاهرًا، دليله: التراب مبتدأ خلق آدم - عليه الصلاة والسلام - بقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26] , والصلصال: الطين اليابس الذي إذا نقرته (¬1)، صَلَّ، وهذا قبل أن تمسه النار، فإذا مسته، فهو فخار (¬2)، والحمأ: جمع حَمْأَة، وقوله: {مَسْنُونٍ} قد قيل: مصبوب، من قولهم: سنيت الماء؛ أي: صبيته، وقيل: متغير، قال الله تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة: 259]: لم يتغير (¬3).
فإن قيل: آدم من البشر، ولم يخلق من المني، وولد آدم من البشر، ولم يخلق من التراب، وإنما خلقوا من المني.
قيل له: يصح أن يقال: ما خُلق منه آدم، فهو أصل لأولاده، والمني فهو أصل لهم، فيصح أن يقال: إنه مبتدأ خلقهم، على أنا لم ندع أن الصلصال [ابتداء] خلق كل بشر، ولا المني ابتداء خلق كل بشر، بل ادعينا أن كل واحد منهما ابتداءُ خلق بشر، وهذا مسلَّم، وقد قال بعضهم: مبتدأ خلق آدمي، فهو كالصلصال، وهذا غير صحيح؛ لأن التراب أصلُ آدم، والمني أصل ولده، وليس آدم بآدمي، وإنما ذلك اسمٌ لولده، والصحيح
¬__________
(¬1) في الأصل: تقر صل، والتصويب من تفسير الطبري، وزاد المسير.
(¬2) ينظر: تفسير الطبري (14/ 57)، وزاد المسير (4/ 397).
(¬3) ينظر: تفسير الطبري (14/ 60)، وزاد المسير (4/ 398).