كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)

منه تقدم المأموم على الإمام في الصلاة، وإنما أجاز اقتداء الرجل بالمرأة في القراءة في صلاة النفل؛ لما روى أبو بكر المروذي بإسناده عن أبي خلاد الأنصاري قال: سألتْ أم ورقة - رضي الله عنها - رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: إني أصلي، ويصلي بصلاتي أهلُ داري ومواليَّ، وفيهم رجال (¬1) ونساء يصلون بقراءتي، وليس معهم قرآن؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قدِّمي الرجالَ أمامك، وقومي مع النساء، ويصلون بصلاتك" (¬2)، ولأنه لما جاز الإخلال بركن من أركان الصلاة في صلاة النفل - وهو القيام -، جاز الاقتداء بها بركن؛ إذ ليس الاقتداء بأضعف من تركه، ولأنه لما جاز أن يؤم الشخص في صلاة دون صلاة - وهو العبد -، جاز أن يؤم في ركن دون ركن.
وأجودُ ما يجاب عن هذا: بأن القياس كان يقتضي أن تبطل صلاتهم، لكن تركنا ذلك لدليل هو أقوى منه، وهو الخبر، ولأنه غير ممتنع أن يختلف مقام الإمام لأجل المأمومين؛ بدليل: أن العراة يقوم في وسطهم، ويخالف مسنون الموقف في التقدم، وكذلك يقوم في وسطهم، وكان المعنى فيه: أنه أسترُ للإمام بوقوفه في وسطهم، ومثلُ هذا تأخرُ المرأة خلف الرجال أسترُ لها، والله أعلم.
* * *
¬__________
(¬1) في الأصل: رجا.
(¬2) مضى تخريجه في (2/ 258، 259).

الصفحة 437