كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)
والجواب: أنا لا نسلم أن الأرض تقلب الأشياء إلى طبعها، وإنما تشرب الرطوبة، وتنشفها الشمس، والهواء، وتجففه، كما يكون البساط، ولا فرق بينهما.
والذي يبين صحة هذا: أن الذهب، والفضة، والحديد، والخشب يبقى في الأرض، ولا يصير أرضًا، وكذلك أصول الشجر وعروقها، والزروع (¬1)، وغير ذلك يبقى في الأرض الزمان الطويل، ولا يصير أرضًا، وأما قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: 8]، فإن الأرض الجزر: التي لا تُنبت، يقال: أرض جرز، وأرض أجراز (¬2)، ومعنى الآية: أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: جاعل الأرض: الخلفاء، والعلماء، والأمراء (¬3). وقال مجاهد: الرجال (¬4)، وقال بعضهم: أنواع الأشجار، والثمار، والأموال، ثم ذم لهم الدنيا، وأخبرهم بفنائها، وأنها تصير إلى التراب والبلى، وقيل: إنها تأكل بنيها أكلًا. والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
* * *
¬__________
(¬1) في الأصل: والزوع.
(¬2) ينظر: معاني القرآن للزجاج (3/ 122).
(¬3) ينظر: تفسير الطبري (15/ 153)، ومعاني القرآن للنحاس (4/ 216)، وزاد المسير (5/ 105).
(¬4) الذي روي عن مجاهد: بلقعًا. والرجال مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. ينظر: تفسير الطبري (15/ 153)، وزاد المسير (5/ 106).