كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)

نص عليه أحمد - رحمه الله - في رواية ابن منصور (¬1)، وهو قول مالك (¬2)، والشافعي (¬3) - رحمهما الله -.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: يجوز دخولُهم (¬4).
دليلنا: قوله: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، وهذا نهي، والنهي يقتضي التحريم.
فإن قيل: الظاهر يقتضي نهيهم عن القرب منه، وهذا مُطَّرَح بالإجماع، وإنما الخلاف في الدخول.
قيل له: قوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا} يقتضي: لا يدخلوا، ولا يتلبسوا به، وليس ذلك قولهم: قرب من الشيء: إذا دنا منه، وقربه قربانًا: إذا دخله، وتلبس به، وبهذا قال الله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 43]، {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]، {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32]، وأراد به: الدخول والتلبس، على أن القرب منه أيضًا حرام عندنا؛ لأنه يجوز له دخول الحرم.
فإن قيل: معناه: لا تقربوه للحج؛ بدلالة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث
¬__________
(¬1) في مسائله رقم (3350)، وينظر: أحكام أهل الملل ص 56، والروايتين (2/ 386)، والأحكام السلطانية ص 195، والإنصاف (10/ 466).
(¬2) ينظر: الإشراف (1/ 286)، والجامع لأحكام القرآن (10/ 154).
(¬3) ينظر: الأم (2/ 114)، والحاوي (2/ 268).
(¬4) ينظر: مختصر اختلاف العلماء (1/ 174)، وبدائع الصنائع (6/ 510).

الصفحة 83