كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)
عليًا - رضي الله عنه - ليقرأ سورة براءة، فأمر عليٌّ أبا هريرة - رضي الله عنه - بأن ينادي والمشركون حضور: ألا لا يحج بعد عامهم هذا مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين الله عهد، فعهدُه إلى مدته (¬1)، فنهاهم عن الحج بعد تلك السنة، فعلم أنهم عن قربه للحج (¬2)، ويدل عليه قوله تعالى: {بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}، فحصر العام بالذكر؛ لأن الحج يُفعل في العام مرة، ولو كان المراد النهيَ عن دخوله على الإطلاق، لما خص العام بالذكر.
قيل له: قوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}، وهذا يقتضي أن يكون المنع من دخول المسجد الذي أمر بتطهيره بقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]، ولأنه لو أراد النهي عن الحج، لذكر الوقوف الذي هو معظم الحج، ويكون مدركًا للحج لإدراكه، ولهذا خصه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذكر، فقال: "الحج عرفة، من أدرك عرفة، فقد أدرك الحج" (¬3)، ولما خص المسجد الذي يفعل
¬__________
(¬1) أخرجه أحمد في المسند رقم (594)، والبخاري في كتاب: التفسير، باب: قوله؛ {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ}، رقم (4655)، ومسلم في كتاب: الحج، باب: لا يحج البيت مشرك، رقم (1347) بدون ذكر لعلي - رضي الله عنه -، والذي بعث أبا هريرة وأمره، هو: أبو بكر - رضي الله عنهما -.
(¬2) كذا في الأصل، وقد تكون: فعلم أنهم منهيون عن قربه للحج.
(¬3) أخرجه أبو داود في كتاب: المناسك، باب: من لم يدرك عرفة، رقم (1949) بنحوه، والترمذي في كتاب: الحج، باب: ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، رقم (889) ونقل عن سفيان بن عيينة: أنه قال: =