كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)

يكون فيه دلالة على ما ذكرنا من التأويل، وأيضًا: روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "لا ينبغي لمسلم أن يؤدي الخراج، ولا لمشرك أن يدخل المسجد الحرام" (¬1)، وهذا يدل على أن المشرك ممنوع من دخول المسجد الحرام.
واحتج المخالف: بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "من دخل دار أبي سفيان، فهو آمن، ومن دخل المسجد، فهو آمن، ومن تعلق بأستار الكعبة، فهو آمن" (¬2)، فأباح لهم دخول المسجد الحرام، وأمَّنهم إذا دخلوه.
¬__________
(¬1) ذكره بلاغًا: الشافعي في الأم (5/ 418)، ونقله عنه البيهقي في السنن (9/ 235)، وفي المعرفة (13/ 337 و 392)، وأسند الطبري نحوه في تفسيره (11/ 352) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عند قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، والبيهقي في المعرفة (13/ 337) بلفظ: (لا ينبغي لمشرك أن يدخل المسجد الحرام، ولا يعطي المسلم الجزية)، وفي سنده الحسن بن عطية العوفي يرويه عن أبيه عطية، قال أبو حاتم: (ضعيف الحديث)، وأبوه عطية ضعّفه الإمام أحمد، والنسائي، وغيرهما. ينظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 548)، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ 382)، وتهذيب الكمال (6/ 211)، وميزان الاعتدال (3/ 79).
(¬2) أخرج الجملة الأولى مسلم في صحيحه، كتاب: الجهاد والسير، باب: فتح مكة، رقم (1780)، والجملة الثانية أخرجها أبو داود في كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: ما جاء في خبر مكة، رقم (3022)، وحسّنها الألباني في صحيح أبي داود، أما جملة: (ومن تعلق بأستار الكعبة، فهو آمن)، فلم أقف عليها مسندة، وقد ذكرها على أنها من الحديث: الماوردي في كتابيه: الحاوي (8/ 409)، والأحكام السلطانية ص 286.

الصفحة 86