كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 2)

فوجهُ المنع: قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} [البقرة: 114]، وجميع الكفار يريدون قتالنا، ويعتقدون منعنا عن ذكر الله تعالى في مساجدنا، فوجب أن يكونوا ممنوعين بقوله تعالى: {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} إخبارٌ عن حالهم: أنهم متى دخلوها، خافوا أن يوقع بهم.
فإن قيل: هذه الآية نزلت في قوم من اليهود، فيجعل حكمها مقصورًا عليهم (¬1).
قيل له: اللفظ أعمُّ من السبب، فلا يجب قصره عليه، وروى ابن شاهين في كتاب المناهي لإسناده عن راشد - يعني: ابن سعيد - رضي الله عنه -، قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل المجوس المساجد" (¬2).
ولأنه إجماع الصحابة - رضي الله عنهم -: رُوي أن أبا موسى قدم على عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، ومعه كاتب له يرفع (¬3) حسابه، فأعجب عمر، وجاء عمر كتاب، فقال لأبي موسى: أين كاتبك حتى يقرأ هذا الكتاب على الناس؟ فقال أبو موسى: لا يدخل (¬4) المسجد، قال: لم؟ قال: لأنه نصراني (¬5).
¬__________
(¬1) ينظر: تفسير الطبري (2/ 443)، والدر المنثور (1/ 562).
(¬2) لم أقف عليه، وقد ذكره الهاشمي في رؤوس المسائل (1/ 182).
(¬3) في الأصل: رقع حسابه.
(¬4) في الأصل: لا يدخلوا. والتصويب من سنن البيهقي.
(¬5) أخرجه البيهقي في السنن، كتاب: الجزية، باب: لا يدخلون مسجدًا بغير =

الصفحة 89