كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 2)

-رضي اللَّه عنه- على ذلك الاختلاف، فأُنزلت سورة براءة، فأَنْفَذ بها رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليًّا ليتلو الآيات على الناس في الموضع الذي يجتمع الفريقان فيه، وهو: منى، وينادي في الناس بما أمره به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من: "ألا يحج بعد العام مُشرِك، وألا يطوف بالبيت عُريان" (¬١)، وكانت العرب تطوف عُراة الرجالُ والنساء، فكانت المرأة تغطي فرجها بيدها وتقول:
اليوم يبدو (¬٢) بَعضُهُ أو كُلُّهُ ... فما بدا منه فلا أخِلّهُ (¬٣)
فنادى بذلك عليٌّ، وأعانه أبو هريرة وغيره بالنداء بمنى في مَجمَع الناس وفي سائر أسواقهم، قال علي: أمرني بأربع: "ألا يَقْربَ البيتَ بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن يُتمم إلى كل ذي عهد عهده" (¬٤)، وذلك لمن لم يكن نقضَ العهد، فأما من نقض فليس يدخل في ذلك.
قال الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن: إن أبا هريرة قال: بعثني أبو بكر -رضي اللَّه عنه- فيمن يؤَذِّن يوم النحر بمنى، ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ويوم الحج الأكبر يوم النحر (¬٥).
فلم يحج في العام الذي حج فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حجةَ الوداع مُشرِك، وأنزل اللَّه تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر -رضي اللَّه عنه- إلى المشركين: {يَاأَيُّهَا
---------------
(¬١) رواه الإمام أحمد في مسنده في مواطن منها رقم ٥٩٤، والترمذي برقم ٣٠٩٢، أبواب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة التوبة، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(¬٢) في الأصل: يبدوا.
(¬٣) تقدم هذا البيت.
(¬٤) تقدم قريبًا.
(¬٥) رواه البخاري برقم ٣١٧٧، كتاب: الجزية، باب: كيف ينبذ إلى أهل العهد، وفي غير موطن آخر، ومسلم (٤/ ١٠٦)، كتاب: الحج، باب: لا يحج البيت مشرك.

الصفحة 8