كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

كان فوقه شيء أو كان الجدار قطعة واحدة من نحو طين كخشب لأنه لا يمكن تسليمه إلا بهدم ما فوقه في الأولى وهدم شيء منه في الثانية وكذا إذا كان الجدار من لبن أو آجر ولا شيء فوقه وجعلت النهاية نصف سمك اللبن أو الآجر فإن جعلت النهاية صفا من صفوفهما صح
فإن قيل هذا مشكل لأن موضع الشق قطعة واحدة من طين أو غيره ولأن رفع بعض الجدار ينقص قيمة الباقي فيفسد البيع كبيع جذع في بناء
أجيب عن الأول بأن الغالب أن الطين الذي بين اللبنات لا قيمة له وعن الثاني بأن نقص القيمة من جهة انفراده فقط وهو لا يؤثر بخلاف الجذع فإن إخراجه يؤثر ضعفا في الجدار
( ويصح ) البيع ( في الثوب الذي لا ينقص بقطعه ) كغليظ كرباس ( في الأصح ) لانتفاء المحذور والثاني لا يصح لأن القطع لا يخلو عن تغيير المبيع
ويصح بيع أحد مصراعي باب وأحد زوجي خف وإن نقصت قيمتهما بتفريقهما لأن المالية في ذلك لم تذهب بالكلية لإمكان تلاقيهما بشراء البائع ما باعه أو بشراء المشتري ما بقي بخلاف مالية الثوب أو نحوه الذي ينقص بقطعه فإنها ذهبت بالكلية لا تدارك لها ولا يصح بيع في خاتم لأن فصله يوجب النقص ولا بيع ثلج وجمد وهما يسيلان قبل وزنهما هذا إذا لم يكن لهما قيمة عند السيلان وإلا فينبغي كما قال شيخنا أن العقد لا ينفسخ وإن زال الاسم كما لو اشترى بيضا ففرخ قبل قبضه والجمد بسكون الميم هو الماء الجامد من شدة البرد
( ولا ) يصح بيع ( المرهون ) بعد قبضه ( بغير إذن مرتهنه ) للعجز عن تسليمه شرعا أما قبل قبضه أو بعده بإذن مرتهنه فيصح لانتفاء المانع
ويلتحق بالمرهون كل عين استحق حبسها كما لو قصر الثوب أو صبغه
وقلنا القصارة عين فإن له الحبس إلى قبض الأجرة ولو استأجر قصارا على قصر ثوب ليس له بيعه ما لم يقصره كما جزما به في باب بيع المبيع قبل قبضه
وبيع المرهون من المرتهن قبل فكه صحيح كما نقل الإمام الاتفاق عليه
( ولا ) بيع ( الجاني المتعلق برقبته مال ) بغير إذن المجني عليه وقبل اختيار السيد الفداء ( في الأظهر ) لتعلق الحق به كالمرهون بل أولى لأن الجناية تقدم على الرهن سواء أكان الأرش مستغرقا لقيمة الرقبة أم لا وسواء أوجب المال بإتلاف مال أم لا كقتل خطأ أو شبه عمدا وعمد لا قصاص فيه أو فيه قصاص وعفا مستحقه على مال
والثاني يصح في الموسر وقيل والمعسر
والفرق أن حق المجني عليه ثبت من غير اختيار المالك بخلاف حق المرتهن وعلى هذا يكون السيد الموسر ببيعه مع علمه بالجناية مختارا للفداء وقيل لا بل هو على خيرته إن فدى مضى البيع وإلا فسخ فإن باعه بعد اختيار الفداء صح جزما والفداء بأقل الأمرين من قيمته وأرش الجناية كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب موجبات الدية
ولا يشكل صحة البيع بصحة رجوعه عن الاختيار لأن مانع الصحة قد زال بانتقال الحق لذمة السيد وإن لم يلزمه ما دام العبد في ملكه فإذا باع لزمه المال الذي فداه به فيجبر على أدائه كما لو أعتقه أو قتله فإن أداه فذاك واضح وإن تعذر ولو لإفلاسه أو غيبته أو صبره على الحبس أو موته فسخ البيع وبيع في الجناية لأن حق المجني عليه سبق حق المشتري
نعم إن أسقط الفسخ حقه كأن كان وارث البائع فلا فسخ إذ به يرجع العبد إلى ملكه فيسقط الأرش نبه على ذلك الزركشي
وخرج ببيعه عتقه فيصح من الموسر لانتقال الحق إلى ذمته مع وجود ما يؤدى منه بخلاف المعسر لما فيه من إبطال الحق بالكلية إذ لا متعلق له سوى الرقبة
وفي استيلاد الأمة الجانية هذا التفصيل ولا يتعلق الأرش بولدها إذ لا جناية منه
( ولا يضر تعلقه ) أي الأرش بكسبه كأن زوجه سيده ولا ( بذمته ) كأن اشترى فيها شيئا بغير إذن سيده وأتلفه أو أقر بجناية خطأ أو شبه عمد ولم يصدقه سيده ولا بينة لأن البيع إنما ورد على العين ولا حجر للسيد على ذمة عبده
( وكذا ) لا يضر ( تعلق القصاص ) برقبته ( في الأظهر ) لأنه مرجو السلامة بالعفو ويخاف تلفه بالقصاص فيصح بيعه قياسا على المريض والمرتد
والثاني لا يصح لأن المستحق يجوز له العفو على مال
وقد تقدم أن تعلق المال مانع وطريقة القولين ضعيفة والمذهب عند الجمهور القطع بالصحة وهو ما في الشرح والروضة فكان التعبير بالمذهب أولى
ولو عفا بعد البيع على مال فهل يبطل
____________________

الصفحة 14