كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

أنه لنفسه ثم بان موت الأب صح قطعا كما حكاه الإمام عن شيخه ثم قال وهو مع حسنه محتمل
ولو باع ماله هازلا صح لأنه أتى باللفظ مع قصد واختيار وعدم رضاه بوقوعه لظنه أنه لا يقع لا أثر له لخطأ ظنه وكذا لو باع أمانة بأن يبيع ماله لصديقه خوف غصب أو إكراه وقد توافقا قبله على أن يبيعه له ليرده إذا أمن وهذا كما يسمى بيع الأمانة يسمى بيع التلجئة
الشرط ( الخامس ) من شروط المبيع ( العلم به ) للمتعاقدين لا من كل وجه بل عينا في المعين وقدر أو صفة فيما في الذمة على ما يأتي بيانه للنهي عن بيع الغرر كما مر
( فبيع أحد الثوبين ) ونحوهما كالعبدين ( باطل ) للغرر ( ويصح بيع صاع من صبرة ) وهي الكومة من الطعام تعلم صيعانها للمتعاقدين كعشرة لعدم الغرر
وقطع الجمهور بأنه ينزل على الإشاعة فيملك المشتري عشرها فلو تلف بعضها تلف بقدره من المبيع
( وكذا ) يصح ( إن جهلت ) أي صيعانها للمتعاقدين أو أحدهما ( في الأصح ) لتساوي أجزائها
وتغتفر جهالة المبيع هنا فإنه ينزل على صاع مبهم لتعذر الإشاعة حتى لو لم يبق منها غير صاع تعين وللبائع تسليمه من أسفل الصبرة ووسطها إذ رؤية ظاهرها كرؤية كلها بخلاف بيع ذراع من مجهول الذرعان من أرض أو ثوب لتفاوت الأجزاء كبيع شاة من هذه الشياه وبخلاف ما لو فرق الصيعان وباع صاعا منها
قال القاضي لأنها ربما تفاوتت في الكيل فيختلف الغرض
والثاني لا يصح كما لو فرق صيعانها وقال بعتك صاعا منها
وعلى الأول هي مستثنى من اشتراط العلم
واستثنى مسائل أيضا للضرورة والمسامحة منها ما لو اختلط حمام البرجين وباع أحدهما ماله لصاحبه فإنه يصح على الأصح كما ذكره المصنف في باب الصيد والذبائح
ومنها ما لو باع المال الزكوي بعد الوجوب فإن الأصح البطلان في قدر الزكاة والصحة في غيره وهو مجهول العين ومثلها شراء كوز الفقاع وما المقصود لبه كالخشكنان
ومنها بيع القز وفي باطنه الدود وسواء أكان حيا أم ميتا وسواء أباعه وزنا أم جزافا فإذا باعه وزنا كان المبيع مجهول القدر
ولو باع الصبرة إلا صاعا وصيعانها معلومة صح وإلا فلا لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثنيا رواه الترمذي إلا أن تعلم وقال حسن صحيح ولأن المبيع ما وراء الصاع وهو مجهول بخلاف بيع صاع منها كما مر لأنه معلوم القدر والصفة وبخلاف بيع جميع الصبرة لأن العيان يحيط بظاهر المبيع من جميع جوانبه فكان أقدر على تخمين مقداره بخلافه في مسألتنا لا يمكن فيه ذلك لأن المبيع خالطه أعيان أخر
ولا يكفي مجرد التخمين بل لا بد من إحاطة العيان لجميع أجزاء المبيع ولم يوجد هنا وكذا لو قال بعتك نصفها وصاعا من النصف الآخر صح بخلاف إلا صاعا منه ولو قال بعتك كل صاع من نصفها بدرهم وكل صاع من نصفها الآخر بدرهمين صح
( ولو باع بملء ذا البيت حنطة أو بزنة هذه الحصاة ذهبا أو بما باع به فلان فرسه ) مثلا أي بمثل ذلك ولم يعلما أو أحدهما قبل العقد المقدار ( أو بألف دراهم ودنانير ) أو صحاح ومكسرة ( لم يصح ) البيع للجهل بأصل المقدار في الثلاثة الأول وبمقدار الذهب من الفضة أو الصحاح والمكسرة في الرابعة فإن علما قبل العقد مقدار البيت والحصاة ثمن الفرس وقال فيه بمثل كما مر صح لانتفاء المحذور وكذا إن قصده كما في المطلب فإن لم يقل بمثل ولم يقصده صح أيضا كما لو قال أوصيت لفلان بنصيب إبني فإنه يحمل على مثل نصيبه
أما إذا كان ما باع به فلان فرسه قد صار للمشتري بإرث أو غيره وهو باق فإن الإطلاق ينزل عليه لا على مثل إذا قصده البائع ومحل امتناع البيع بما ذكر إذا كان في الذمة فإن كان الثمن معينا كأن قال بعتك بملء هذا البيت من
____________________

الصفحة 16