كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

كان الأولى للمصنف تقديم النقد على الطعام موافقة للحديث
أجيب بأن الكلام في الطعام أكثر فقدم لذلك ولا يقال إن تقدم ما للكلام فيه أقل أولى لأن هذا بحسب المقاصد
وعلة الربا في الذهب والفضة جنسية الأثمان غالبا كما صححه في المجموع ويعبر عنها أيضا بجوهرية الأثمان غالبا وهي منتفية عن الفلوس وغيرها من سائر العروض لا أنها قيم الأشياء كما جرى عليه صاحب التنبيه لأن الأواني والتبر والحلي تجري فيها الربا كما مر وليست مما يقوم بها
واحترز ب غالبا عن الفلوس إذا راجت فإنه لا ربا فيها كما تقدم ولا أثر لقيمة الصنعة في ذلك حتى لو اشترى بدنانير ذهبا مصوغا قيمته أضعاف الدنانير اختبرت المماثلة ولا نظر إلى القيمة
تنبيه بيع النقد من جنسه وغيره يسمى صرفا ويصح على معينين بالإجماع ك بعتك أو صارفتك هذا الدينار بهذه الدراهم وعلى موصوفين على المشهور كقوله بعتك أو صارفتك دينارا صفته كذا في ذمتي بعشرين درهما من الضرب الفلاني في ذمتك ولو أطلق فقال صارفتك على دينار بعشرين درهما وكان هناك نقد واحد لا يختلف أو نقود مختلفة إلا أن أحدهما أغلب صح ونزل الإطلاق عليه ثم يعينان ويتقابضان قبل التفرق
ويصح أيضا على معين بموصوف ك بعتك هذا الدينار بعشرة دراهم في ذمتك ولا يصح على دينين ك بعتك الدينار الذي في ذمتك بالعشرة التي لك في ذمتي لأن ذلك بيع دين بدين
والحيلة في تمليك الربوي بجنسه متفاضلا كبيع ذهب بذهب متفاضلان أن يبيعه من صاحبه بدراهم أو عرض ويشتري منه بها أو به الذهب بعد التقابض فيجوز وإن لم يتفرقا ولم يتخايرا لتضمن البيع الثاني إجازة الأول بخلافه مع الأجنبي أو يقرض كل صاحبه ويبرئه أو يتواهبا الفاضل لصاحبه وهذا جائز إذا لم يشترط في بيعه وإقراضه وهبته ما يفعله صاحبه وإن كره قصده
( ولو باع جزافا ) بكسر الجيم طعاما أو نقدا بجنسه ( تخمينا ) أي حزرا للتساوي ( لم يصح ) البيع ( وإن خرجا سواء ) للنهي عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر رواه مسلم وقيس النقد على المطعوم وللجهل بالمماثلة عند البيع وهذا معنى قول الأصحاب الجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة
ويؤخذ البطلان عند عدم التخمين بطريق الأولى
ولو علما تماثل الصبرتين جاز البيع كما قال القاضي ولا حاجة حينئذ إلى كيل
ولو علم أحدهما مقدارهما وأخبر الآخر به فصدقه فكما لو علما قاله الروياني
ولو باع صبرة بر بأخرى كيلا بكيل أو صبرة نحو دراهم بأخرى وزنا بوزن صح إن تساويا لحصول المماثلة وإلا فلا لأنه قابل الجملة بالجملة وهما متفاوتتان
ويصح بيع صبرة بكيلها فيما يكال أو وزنها فيما يوزن من صبرة أكبر منها لحصول المماثلة
ولو تفرقا في هذه وفي التي قبلها فيما إذا صح البيع بعد قبض الجملتين وقبل الكيل أو الوزن جاز لحصول التقابض في المجلس وما فضل من الكبيرة بعد الكيل أو الوزن لصاحبها فالمعتبر في القبض هنا ما ينقل الضمان فقط لا ما يفيد التصرف أيضا لما سيأتي أن قبض ما بيع مقدرا إنما يكون بالتقدير
ولو باع صبرة بر بصبرة شعير جزافا جاز لعدم اشتراط المماثلة فإن باعها بها مكايلة فإن خرجتا سواء صح وإن تفاضلتا وسمح رب المال بإعطائه الزائد أو رضي رب الناقص بقدره من الزائد أقر البيع وإن تشاحا فسخ وتقدم ما في هذه مع جوابه في الكلام على بيع الصبرة بمائة درهم كل صاع بدرهم
( وتعتبر المماثلة ) للربوي حال الكمال فيعتبر في الثمار والحبوب ( وقت الجفاف ) وتنقيتها شرط للماثلة لا للكمال لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم فنهى عن ذلك صححه الترمذي وغيره
أشار صلى الله عليه وسلم بقوله أينقص إلى أن المماثلة إنما تعتبر عند الجفاف وإلا فالنقصان أوضح من أن يسأل عنه
ويعتبر أيضا إبقاؤه على هيئة يتأتى إدخاره عليها كالتمر بنواه لأنه إذا نزع بطل كماله لتسارع الفساد إليه بخلاف الخوخ والمشمش ونحوهما فإن كماله لا يبطل بنزع نواه فإن الغالب في تجفيفها أي في بعض البلاد نزع نواه كما أن اللحم المقدد لا يبطل كماله بنزع العظم منه
واختلف المتأخرون في فهم قوله ( وقد يعتبر الكمال أولا ) فإنه من مشكلات الكتاب فقال الشارح وذلك في مسألة العرايا الآتية في باب بيع الأصول والثمار اه
وهذا أحد احتمالين للإسنوي وقال إنه الأصح في الحمل والاحتمال الثاني أنه أراد إدخال العصير والخل من الرطب والعنب فإنه
____________________

الصفحة 25