كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

يباع بعضه ببعض ولو اقتصر على ما مر لاقتضى أنه لا يباع الرطب إلا تمرا ولا العنب إلا زبيبا فنبه على أنه يكتفى بالكمال الأول وجرى على هذا السبكي و الأذرعي وهو الأولى كما قال ابن شهبة من الأول إذ يلزم من الحمل على الأول اختلاف مفهوم الكتاب فإنه يفهم حينئذ اعتبار الكمال آخرا إلا في العرايا وليس مرادا
وقال السبكي وقوله أولا نبه به على أنا إذا اعتبرنا الكمال يكتفى بالكمال الأول كالعصير ولا يشترط الآخر كالخل فكأنه قال يعتبر الكمال ولو أولا
وقال الزركشي كلا الأمرين فاسد أما الأول فلأنه لا كمال في الرطب والعنب ولكنه رخص في بيعه بمثله جافا بشروطه وأما الثاني فلأن تلك الحالة ليست أول أحواله
قال ومعنى كلام الكتاب أن المماثلة قد تعتبر وقت كمال ذلك الربوي في أول أحواله وهو الحليب فتعتبر المماثلة ذلك الوقت اه
وما قاله من أن العصير ليس أول أحوال الكمال ممنوع إذ ليس له حالة كمال قبل العصير
تنبيه قال السبكي ورأيت في بعض النسخ وقيل وهو تصحيف
والصواب وقد وهكذا هو بخط المصنف
ولا يباع رطب المطعومات برطبها بفتح الراء فيهما ولا بجافها إذا كانت من جنس إلا في مسألة العرايا سواء أكان لها حالة جفاف كما قال ( فلا يباع رطب برطب ) بضم الراء فيهما ( ولا ) برطبها بجافها كرطب ( بتمر ولا عنب بعنب ولا ) عنب ( بزبيب ) ولا تين رطب بتين رطب ولا رطب اليابس للجهل بالمماثلة وقت الجفاف لحديث الترمذي المتقدم وألحق بالرطب فيما ذكر طري اللحم فلا يباع بطريه ولا بقديده من جنسه ويباع قديده بقديده بلا عظم ولا ملح يظهر في الوزن
ولا تباع حنطة بحنطة مبلولة وإن جفت
ولا يشترط في التمر والحب تناهي الجفاف لأنهما مكيلان فلا يظهر أثر الرطوبة في الكيل بخلاف اللحم فإنه موزون يظهر أثره في الوزن أو لم يكن لها حالة جفاف كما قال ( وما لا جفاف له كالقثاء ) بكسر القاف وضمها والمثلثة والمد ( والعنب الذي لا يتزبب ) والرطب الذي يتتمر ( لا يباع ) بعضه ببعض ( أصلا ) قياسا على الرطب بالرطب
وقد يفهم أنه لو جف على ندور لا يباع جافا والذي أورده الشيخ أبو حامد و المحاملي وغيرهما الجواز وقال السبكي إنه الأقيس
( وفي قول ) مخرج ( تكفي مماثلته رطبا ) بفتح الراء لأن معظم منافعه في رطوبته فكان كاللبن فيباع وزنا وإن أمكن كيله وعلى الأول يستثنى الزيتون فإنه لا جفاف له ويجوز بيع بعضه ببعض كما جزم به الغزالي وغيره
( ولا تكفي مماثلة الدقيق والسويق ) أي دقيق الشعير ( والخبز ) ونحوها مما يتخذ من الحب كالعجين والنشاء ولا مماثلة لما فيه شيء مما اتخذ منها كالفالوذج فإن فيه النشاء فلا يباع شيء منه بمثله ولا بالحب الذي اتخذ منه لخروجها عن حالة الكمال وعدم العلم بالمماثلة فإن الدقيق ونحوه يتفاوت في النعومة والخبز ونحوه يتفاوت في تأثير النار
ولا تباع حنطة مقلية بحنطة مطلقا لاختلاف تأثير النار فيها ولا حنطة بما يتخذ منها ولا بما فيه شيء مما يتخذ منها
ويجوز بيع الحب بالنخالة والحب المسوس إذا لم يبق فيه لب أصلا لأنهما ليسا بربويين
ويصح بيع التمر بطلع الذكور دون طلع الإناث لأنه ليس بربوي وأما طلع الإناث فإنه ربوي
( بل تعتبر المماثلة في الحبوب ) التي لا دهن فيها ( حبا ) لتحققها فيهما وقت الجفاف ( و ) تعتبر ( في حبوب الدهن كالسمسم ) بكسر السينين ( حبا أو دهنا ) أو كسبا خالصا من دهنه فيجوز بيع السمسم بمثله والشيرج بمثله والكسب بمثله
وأما كسب غير السمسم واللوز الذي لا يأكله إلا البهائم ككسب القرطم أو أكل البهائم له أكثر فليس بربوي كما يؤخذ من القاعدة المتقدمة
وليس للطحينة قبل استخراج الدهن حالة كمال فلا يجوز بيع بعضها ببعض ولا بيع السمسم بالشيرج لأنه في معنى بيع كسب ودهن بدهن وهو من قاعدة مد عجوة
والكسب الخالص والشيرج جنسان والأدهان المطيبة كدهن الورد والبنفسج واللينوفر كلها مستخرجة من السمسم فيباع
____________________

الصفحة 26