كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

بعضها ببعض إن ربي بالطيب سمسم الدهن بأن طرح في الطيب ثم استخرج دهنه فإن استخرج دهنه ثم طرح فيه أوراقها فلا يباع بعضها ببعض لأن اختلاطها بها يمنع معرفة التماثل
( و ) تعتبر ( في العنب ) والرطب ( زبيبا ) وتمرا ( أو خل عنب ) ورطب ( وكذا العصير ) أي عصير العنب والرطب ( في الأصح ) لأنه متهيء لأكثر الانتفاعات فيجوز بيع العصير بمثله وكذا بيع عصيره بخله متماثلا على الأصح وأما بيع الخل بعضه ببعض فقد تقدم الكلام عليه
فعلم من كلامه أنه قد يكون للشيء حالتا كمال فأكثر
والثاني ليس للعصير حالة كمال لأنه ليس على هيئة كمال المنفعة
ومثل عصير العنب والرطب عصير الرمان والتفاح وسائر الثمار وكذا عصير قصب السكر والمعيار في الدهن والخل والعصير الكيل
( و ) تعتبر المماثلة ( في اللبن لبنا ) خالصا غير مشوب بماء أو إنفحة أو ملح وغير مغلي بالنار كما يعلم مما يأتي فيباع الحليب بمثله وإنما يباع بعد سكون رغوته والرائب بمثله والرائب بالحليب كيلا ولا يبالى بكون ما يحويه المكيال من الخاثر أكثر وزنا لأن الاعتبار فيه بالكيل كالحنطة الصلبة بالرخوة
( أو سمنا ) خالصا مصفى بشمس أو نار فإنه لا يتأثر بالنار تأثير انعقاد ونقصان فيجوز بيع بعضه ببعض وزنا وإن كان مائعا على النص وقيل كيلا وقيل وزنا إن كان جامدا وكيلا إن كان مائعا قاله البغوي
قال في أصل الروضة وهو توسط بين وجهين أطلقهما العراقيون اه
واستحسن التوسط في الشرح الصغير
قال شيخنا ويؤيده أن اللبن يكال مع أنه مائع اه
ولا تأييد لأن اللبن أصله مائع فأجري فيه الكيل والسمن أصله جامد فأجري فيه الوزن وإنما يؤيده لو فرق في اللبن بين المائع والخاثر بل قالوا بالكيل مطلقا لما قلناه
ولا يباع زبد بزبد من جنسه في الأصح لأن ما فيهما من اللبن يمنع المماثلة
فإن قيل بيع اللبن بعضه ببعض في كل منهما زبد
أجيب بأن الصفة ممتزجة فلا عبرة بها
وخالفه العسل بشمعه لامتياز العسل عن الشمع
ولا يباع زبد بسمن والأسمان أجناس كالألبان
( أو مخيضا صافيا ) أي خالصا عن الماء لأن منفعته كاملة والمخيض ما نزع زبده ويباع بمثله وبالسمن وبالزبد
قال السبكي وظاهر كلام المصنف أنه إذا كان فيه ماء يسير لا يكون كاملا وليس كذلك
قال وهكذا الحليب وسائر الألبان
ويعتبر في المخيض الصرف أن لا يكون فيه زبد فإن كان فيه لم يبع بمثله ولا يزبد ولا يسمن لأنه يصير من قاعدة مد عجوة
فإن قيل اللبن جنس ينقسم إلى مخيض وحليب ورائب فلا يحسن جعل المخيض قسيما للبن بل هو قسم منه
أجيب بأنه لما كان الغالب خلط المخيض بالماء عطفه عليه وإن كان قسما منه وقيده بالخالص وإن كان غيره مقيدا به أيضا كما قدرته
( ولا تكفي المماثلة في سائر أحواله ) أي باقيها ( كالجبن ) بإسكان الباء وبضمها مع تشديد النون وبدونه ( والأقط ) والمصل والزبد لأنها لا تخلو عن مخالطة شيء فالجبن يخالطه الإنفحة والأقط يخالطه الملح والمصل يخالطه الدقيق والزبد لا يخلو عن قليل مخيض فلا تتحقق فيها المماثلة فلا يباع بعض كل منها ببعض
ولا يباع الزبد بالسمن ولا اللبن بما يتخذ منه كالسمن المخيض
( ولا تكفي مماثلة ما أثرت فيه النار بالطبخ أو القلي أو الشي ) لأن تأثير النار لا غاية له فيؤدي إلى الجهل بالمماثلة فلا يجوز بيع بعضه ببعض حبا كالسمسم أو غيره كاللحم وفيما أثرت فيه بالعقد كالدبس والسكر
والفانيد وهو عسل القصب المسمى بالمرسل وجهان أصحهما لا يباع بعضه ببعض لما ذكر والثاني يباع بعضه ببعض قياسا على صحة السلم فيه
وأجاب الأول بضيق باب الربا
واحترز بكون التأثير على أحد الوجوه الثلاثة عن تأثير الحرارة كالماء المغلي فإنه يباع بعضه ببعض كما قاله الإمام وعن تأثير التمييز كما قال ( ولا يضر تأثير تمييز كالعسل والسمن ) والذهب والفضة فإن النار في العسل لتمييز الشمع وفي السمن لتمييز اللبن وفي الذهب والفضة لتمييز الغش وهي لطيفة بالنسبة إلى العسل والسمن لا تؤثر في العقد فلو فرض أنها عقدته امتنع بيع بعضه ببعض أما قبل التمييز فلا يجوز ذلك للجهل بالمماثلة
ولا يجوز بيع العسل بشمعه بمثله
____________________

الصفحة 27