كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

ولا بصاف لقاعدة مد عجوة
فإن قيل هلا جاز كبيع التمر بعضه ببعض وفيه النوى أجيب بأن النوى في التمر غير مقصود بخلاف الشمع في العسل فكان اجتماعهما يؤدي إلى الجهالة
( وإذا جمعت الصفقة ) أي البيعة سميت بذلك لأن أحد المتبايعين يصفق يده على يد الآخر في عادة العرب جنسا ( ربويا من الجانبين ) وليس تابعا بالإضافة إلى القصور ( واختلف الجنس ) أي جنس المبيع ( منهما ) جميعهما بأن اشتمل أحدهما على جنسين ربويين اشتمل الآخر عليهما ( كمد عجوة ودرهم بمد ) من عجوة ( ودرهم ) ( و ) كذا لو اشتمل على أحدهما فقط ( كمد ودرهم بمدين أو درهمين ) أو اشتملا جميعهما على جنس ربوي وانضم إليه غير ربوي فيهما كدرهم وثوب بدرهم وثوب أو في أحدهما كدرهم وثوب بدرهم ( أو ) اختلف ( النوع ) أي نوع المبيع والمراد به ما يعم الوصف بأن اختلف النوع الحقيقي من الجانبين جميعهما بأن اشتمل أحدهما من جنس ربوي على نوعين اشتمل الآخر عليهما كمد تمر صيحاني ومد برني بمد تمر صيحاني ومد برني أو على أحدهما كمد صيحاني ومد برني بمدين صيحاني أو برني
أو اختلف الوصف من الجانبين جميعهما بأن اشتمل أحدهما من جنس ربوي على وصفين اشتمل الآخر عليهما ( كصحاح ومكسرة ) تنقص قيمتها عن قيمة الصحاح ( بهما ) أي بصحاح ومكسرة أو جيدة ورديئة بجيدة ورديئة ( أو بأحدهما ) أي بصحاح فقط أو بمكسرة فقط أو بجيدة فقط أو رديئة فقط
( فباطلة ) هذه المسألة هي القاعدة المعروفة بقاعدة مد عجوة
والأصل فيها خبر مسلم عن فضالة بن عبيد قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقلادة فيها خرز وذهب تباع بتسعة دنانير فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال الذهب بالذهب وزنا بوزن وفي رواية لا تباع حتى تفصل
واستدل على القاعدة من جهة المعنى بأن قضية اشتمال أحد طرفي العقد على مالين مختلفين توزيع ما في الآخر عليهما اعتبارا بالقيمة كما في بيع شقص مشفوع وسيف بألف وقيمة الشقص مائة والسيف خمسون فإن الشفيع يأخذ الشقص بثلثين والتوزيع هنا يؤدي إلى المفاضلة أو الجهل بالمماثلة لأنه إذا باع مدا ودرهما بمدين إن كانت قيمة المد الذي مع الدرهم أكثر أو أقل منه لزمته المفاضلة أو مثله فالمماثلة مجهولة فلو كانت قيمته درهمين فالمد ثلثا طرفه فيقابله ثلثا المدين أو نصف درهم فالمد ثلث طرفه فيقابله ثلث المدين فنلزم المفاضلة أو مثله فالمماثلة مجهولة لأنها تعتمد التقويم وهو تخمين قد يخطىء
فإن قيل يشكل على هذا ما قالوه في الصلح من أنه لو كان له على غيره ألف درهم وخمسون دينارا ذهبا فصالحه من ذلك على ألفي درهم جاز
أجيب بأن الكلام هنا في بيع العين بخلاف ما في الصلح وتعدد العقد هنا بتعدد البائع أو المشتري كاتحاده بخلاف تعدده بتفصيل العقد بأن جعل في بيع مد ودرهم بمثلهما المد في مقابلة المد أو الدرهم والدرهم في مقابلة الدرهم أو المد
وخرج بقولي جنسا ما لو لم يشتمل أحد جانبي العقد على شيء مما اشتمل عليه الآخر كبيع دينار ودرهم بصاع بر وصاع شعير أو بصاعي بر أو شعير وبيع دينار صحيح وآخر مكسر بصاع تمر برني وصاع معقلي أو بصاعين برني أو معقلي فإنه يجوز
وقوله ربويا من الجانبين أي ولو كان الربوي ضمنا من جانب واحد كبيع سمسم بدهنه فيبطل لوجود الدهن في جانب حقيقة وفي الآخر ضمنا بخلاف ما لو كان ضمنا من الجانبين كبيع سمسم بسمسم فيصح وبليس تابعا بالإضافة إلى المقصود ما إذا كان تابعا كبيع حنطة بشعير وفيهما أو في أحدهما حبات من الآخر يسيرة بحيث لا يقصد تمييزها لتستعمل وحدها فإنه يصح وكذا لو باع صاع بر جيد ورديء مختلطا بمثله فإنه يصح ويصح بيعه بجيد أو رديء إذ المتوزع شرطه التمييز
وظاهر كلامهم أنه يصح وإن كثرت حبات الآخر وهو كذلك وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين
والفرق بين الجنس والنوع أن الحبات إذا كثرت في الجنس لم تتحقق المماثلة بخلاف النوع
وكبيع دار فيها بئر ماء عذب بمثلها فإنه يصح لأن الماء وإن اعتبر علم العاقدين به تابع بالإضافة إلى مقصود الدار لعدم توجه القصد إليه غالبا ولا ينافي كونه تابعا بالإضافة كونه مقصودا في نفسه حتى يشترط التعرض له في البيع ليدخل
والحاصل أنه من حيث أنه تابع بالإضافة اغتفر من جهة الربا ومن حيث أنه مقصود في نفسه اعتبر التعرض له في البيع ليدخل فيه

____________________

الصفحة 28