كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

وبنقص قيمة المكسرة عن الصحيحة ما لو تساوت قيمتها فلا بطلان
ولو باع دارا وقد ظهر بها معدن ذهب بذهب لم يصح للربا لأن المعدن مع العلم به مقصود بالمقابلة فلو ظهر بها المعدن بعد الشراء جاز لأن المعدن مع الجهل به تابع بالإضافة إلى مقصود الدار والمقابلة بين الذهب والدار خاصة
فإن قيل لا أثر للجهل بالمفسد في باب الربا
أجيب بأنه لا أثر له في غير التابع
وأما في التابع فقد يتسامح بجهله والمعدن من توابع الأرض كالحمل يتبع أمه في البيع وغيره
فإن قيل قد منعوا بيع ذات لبن بذات لبن
أجيب بأن الشرع جعل اللبن في الضرع كهو في الإناء بخلاف المعدن وبأن ذات اللبن المقصود منها اللبن والأرض ليس المقصود منها المعدن
وإذا عرفت هذا ففي كلام المصنف أمور ننبه عليها تشحينا للذهن أحدها قوله وإذا جمعت الصفقة خرج بها ما إذا تعددت وهو صحيح فيما إذا تعددت بتفصيل الثمن دون ما إذا تعددت بتعدد البائع أو المشتري كما مر
ثانيها كان ينبغي أن يقول جنسا قبل قوله ربويا كما قدرته في كلامه لأنه لو باع ذهبا وفضة بحنطة فقط أو بشعير فقط أو بهما وما أشبه ذلك فإنه يصح مع دخوله في الضابط
ثالثها قوله واختلف الجنس منهما ليس المراد الجنس الربوي المعتبر وجوده من الجانبين كما يوهمه كلامه فإن ذلك متحد كما مر وإنما المراد اختلف جنس المبيع بأن يكون مع الربوي جنس آخر كما يظهر ذلك من مثاله فلو عبر بقوله واختلف المبيع جنسا لاستقام
رابعها كان ينبغي أن يقول أو من أحدهما كما قاله في المحرر لأنه لو باع مدا ودرهما بمدين لم يختلف الجنس منهما
قال الزركشي وهو مراد المصنف بدليل تمثيله بالمد والدرهم في مقابلة المدين وقد صرح به في النوع ولا فرق فحذفه من الأول لدلالة الثاني عليه
خامسها كان ينبغي أن يقول أيضا أن يكون الجنس الآخر مقصودا ليخرج التابع للمقصود كما مر
سادسها تمثيله يقتضي التصوير بما إذا كان المضموم إليه ربويا وليس مرادا بل لا فرق في الجنس المضموم إلى الربوي بين أن يكون ربويا أيضا أم لا كما تقدم
سابعها تمثيله لاختلاف النوع بالصحاح والمكسرة فيه تجوز وإنما هو اختلاف صفة لا اختلاف نوع فمراده بالنوع ما ليس بجنس ليشمل النوع والصفة كما تقدم حتى يصح المثال
ثامنها أطلق البطلان في الصحاح والمكسرة ولا بد أن تنقص قيمة المكسر عن الصحيح كما مر
تاسعها لا يشترط تمييز أحد النوعين عن الآخر فلو باع صاعا من رديء وجيد مختلطين بمثله أو جيد أو رديء جاز كما مر ومثله ما لو خلط الصحاح بالمكسرة
فروع يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز وزنا وإن اختلف قشرهما وسيأتي في ذلك خلاف في السلم إن شاء الله تعالى
ويجوز بيع لب الجوز بلب الجوز ولب اللوز بلب اللوز
فإن قيل قد منعوا بيع منزوع النوى بمثله لبطلان كماله وهو موجود هنا
أجيب بأن منزوع النوى أسرع فسادا من لبهما كما هو معلوم
ويجوز بيع البيض مع قشره بالبيض كذلك وزنا عند اتحاد الجنس فإن اختلفا جاز جزافا
( ويحرم بيع اللحم ) وما في معناه كالشحم والكبد والقلب والكلية والطحال والألية ( بالحيوان من جنسه ) كبيع لحم ضأن بضأن ( وكذا ) يحرم ( بغير جنسه من مأكول ) كبيع لحم البقر بالضأن ولحم السمك بالشاة ولحم الشاة بالبعير ( وغيره ) أي غير مأكول كبيع لحم ضأن بحمار ( في الأظهر ) لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع الشاة باللحم رواه الحاكم والبيهقي وقال إسناده صحيح ونهى عن بيع اللحم بالحيوان رواه أبو داود عن سعيد بن المسيب مرسلا وأسنده الترمذي عن زيد بن سلمة الساعدي
ومقابل الأظهر الجواز
أما في المأكول وهو مبني على أن اللحوم أجناس فبالقياس على بيع اللحم باللحم
وأما في غيره فوجه بأن سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل عليه ولم يوجد ذلك هنا
أما بيع الجلد بالحيوان فيصح بعد دبغه بخلافه قبله
خاتمة يجوز بيع لبن شاة بشاة حلب لبنها فإن بقي فيها لبن بقصد حلبه لكثرته أو باع ذات لبن مأكولة بذات لبن كذلك من جنسها لم يصح لأن اللبن في الضرع يأخذ قسطا من الثمن بدليل أنه يجب التمر في مقابلته في المصراة بخلاف الآدميات ذوات اللبن فقد نقل في البيان عن الشاشي الجواز فيها وفرق بأن لبن الشاة في الضرع له حكم العين ولهذا لا يجوز عقد الإجارة عليه بخلاف لبن الآدمية فإن له حكم المنفعة ولهذا يجوز عقد الإجارة عليه
ولو باع لبن بقرة بشاة في ضرعها لبن صح لاختلاف الجنس كما مر
أما بيع ذات لبن بغير ذات لبن فصحيح وبيع بيض بدجاجة
____________________

الصفحة 29