كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

أو منفعة على التأبيد فدخل بيع حق الممر ونحوه وخرجت الإجارة بقيد التأقيت فإنها ليست بيعا ولهذا لا تنعقد بلفظه كما مر والقرض بقيد المعاوضة فإنه لا يسمى معاوضة عرفا وعقد النكاح والخلع والصلح عن الدم بقيد الملك فإن الزوج لا يملك منفعة البضع وإنما يملك أن ينتفع به والزوجة والجاني لا يملكان شيئا وإنما يستفيدان رفع سلطنة الزوج ومستحق القصاص على أن النكاح خرج بقيد المعاوضة أيضا فإنه لا يسمى معاوضة عرفا
وهذا الحد أولى من الأول لما لا يخفى
والأصل في الباب قبل الإجماع آيات كقوله تعالى {وأشهدوا إذا تبايعتم} وقوله تعالى {وأحل الله البيع}
وأظهر قولي الشافعي أن هذه الآية عامة في كل بيع إلا ما خص بالسنة فإنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيوع والثاني أنها مجملة والسنة مبينة لها
وتظهر فائدة الخلاف في الاستدلال بها في مسائل الخلاف فعلى الأول يستدل بها وعلى الثاني لا يستدل وأحاديث كحديث سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الكسب أطيب فقال عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور أي لا غش فيه ولا خيانة
رواه الحاكم وصححه
وحديث إنما البيع عن تراض
وأركانه كما في المجموع ثلاثة وهي في الحقيقة ستة عاقد وهو بائع ومشتر ومعقود عليه وهو ثمن ومثمن وصيغة وهي إيجاب وقبول
وكان الأولى للمصنف أن يقدم الكلام على العاقد ثم المعقود عليه ثم الصيغة لكنه بدأ بها كما قال الشارح لأنها أهم للخلاف فيها وأولى من ذلك أن يقال لأن العاقد والمعقود عليه لا يتحقق إلا بها وعبر عنها بالشرط خلاف تعبيره في المجموع ك الغزالي بأركان البيع والتعبير بالركن أولى
نعم قد يراد بالشرط ما لا بد منه فيساوي التعبير بالركن فقال (شرطه) أي البيع صيغة وهي (الإيجاب) من البائع وهو ما يدل على التمليك بعوض دلالة ظاهرة (كبعتك) بكذا (وملكتك) بكذا وهذا مبيع منك بكذا أو أنا بائعه لك بكذا كما بحثه الإسنوي وغيره قياسا على الطلاق وكهذا لك بكذا كما نص عليه في الأم
تنبيه عبارة المحرر كبعتك أو ملكتك وهي أولى لأنها تدل على الإكتفاء بأحدهما بخلاف عبارة المصنف
(والقبول) من المشتري وهو ما يدل على التمليك دلالة ظاهرة (كاشتريت وتملكت وقبلت) ورضيت كما ذكره القاضي حسين عن والد الروياني و نعم في الجواب كما سيأتي و توليت ونحوها و بعت على ما نقله في شرح المهذب عن أهل اللغة والفقهاء فلا يصح البيع بدون إيجاب وقبول حتى إنهما يشترطان في عقد تولي الأب طرفيه كالبيع لماله من طفله وعكسه فلا يكفي أحدهما إذ معنى التحصيل غير معنى الإزالة وكالطفل المجنون وكذا السفيه إن بلغ سفيها وإلا فوليه الحاكم فلا يتولى الطرفين لأن شفقته ليست كشفقة الأب فلو وكل الحاكم الأب في هذه الصورة لم يتول الطرفين لأنه نائب عن الحاكم فلا يزيد عليه
وهل للأب أن يبيع مال أحد إبنيه من الآخر وهما تحت حجره فيه وجهان والظاهر منهما الصحة
وإنما احتيج في البيع إلى الصيغة لأنه منوط بالرضا لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} ولقوله صلى الله عليه وسلم إنما البيع عن تراض صححه ابن حبان
والرضا أمر خفي لا يطلع عليه فأنيط الحكم بسبب ظاهر وهو الصيغة فلا ينعقد بالمعطاة إذ الفعل لا يدل بوضعه فالمقبوض بها كالمقبوض ببيع فاسد فيطالب كل صاحبه بما دفع إليه إن بقي وببدله إن تلف
وقال الغزالي للبائع أن يتملك الثمن الذي قبضه إن ساوى قيمة ما دفعه لأنه مستحق ظفر بمثل حقه والمالك راض
هذا في الدنيا وأما في الآخرة فلا مطالبة لطيب النفس بها
واختلاف العلماء فيها نقله في المجموع عن ابن أبي عصرون وأقره قال وخلاف المعاطاة في البيع يجري في الإجارة والرهن والهبة ونحوها قال في الذخائر وصورة المعاطاة أن يتفقا على ثمن ومثمن ويعطيا من غير إيجاب ولا قبول وقد يوجد لفظ من أحدهما
واختار المصنف وجماعة منهم المتولي و البغوي الإنعقاد بها في كل ما يعده الناس بيعا لأنه لم يثبت اشتراط لفظ فيرجع للعرف كسائر الألفاظ المطلقة وبعضهم ك ابن سريج و الروياني خصص جواز بيع المعاطاة بالمحقرات وهي ما جرت العادة فيها بالمعاطاة كرطل خبز وحزمة بقل وقال بعضهم كل من وسم بالبيع اكتفى منه بالمعاطاة كالعامي والتاجر وكل من لم يعرف بذلك لا يصح منه إلا باللفظ
قال في المجموع وأما إذا كان
____________________

الصفحة 3