كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

منزله بحيث تظن فراغها منه قبل تمكنه من التمتع بها فإنه يصح كما قاله الأذرعي وقول الغزي إن هذا ضعيف لأن منافعها مستحقة للزوج بعقد النكاح ممنوع فإن الزوج لم يستحق المنافع وإنما استحق أن ينتفع وهو متعذر
وخرج بالحرة الأمة فإن لسيدها أن يؤجرها نهارا بغير إذن زوجها لأن له الانتفاع بها
نعم المكاتبة كالحرة كما قاله الأذرعي إذ لا سلطنة للسيد عليها والعتيقة الموصى بمنافعها أبدا لا يعتبر إذن الزوج في إيجارها كما قاله الزركشي
وبغير المستأجر المنكوحة له فيجوز له استئجارها ولو لولده منها وبتملك منافعها ما لو كانت مستأجرة العين فلا يصح أن تؤجر نفسها قطعا
فإن قيل قد عمت البلوى باستئجار العكامين للحج وقد أفتى السبكي بمنعه لأن الإجارة وقعت على أعينهم للعكم فكيف يستأجرون بعد ذلك أجيب بأنه لا مزاحمة بين أعمال الحج والعكم إذ يمكنه فعلها في غير أوقات العكم لأنه لا يستغرق الأزمنة
وبإجارتها إجارة عين ما لو التزمت عملا في ذمتها فإن العقد يصح وإن لم يأذن الزوج وبغير إذن ما لو أذن فإنه يصح قطعا لأن المنع كان لحقه وليس لمستأجرها منع الزوج من وطئها في أوقات فراغها خوف الحبل وانقطاع اللبن على الأصح في زيادة الروضة
فإن قيل قياس منع الراهن من وطء الأمة المرهونة بغير إذن المرتهن منع الزوج من وطء الزوجة بغير إذن المستأجر كما قال به الروياني ونقله الإمام عن الأصحاب
أجيب بأن الراهن يملك منافع الأمة وقد حجر على نفسه بالرهن ولا كذلك الزوج
( ويجوز تأجيل المنفعة ) إلى أجل معلوم ( في إجارة الذمة ) لأن الدين يقبل التأجير كما لو أسلم في شيء إلى أجل معلوم فإن أطلق كان حلا
وقوله ( كألزمت ذمتك الحمل ) لكذا ( إلى مكة ) مثلا ( أول شهر كذا ) تبع فيه المحرر وظاهره أنه تأجيل صحيح وهو المنصوص في البويطي لكن الأصح كما في الروضة وأصلها في السلم عن الأصحاب أنه لو قال أول شهر رمضان بطل لأنه يقع على جميع النصف الأول فلو مثل كالشرحين والروضة بغرة شهر كذا لكان أولى
ويمكن أن يريد بالأول المستهل فيكون مساويا للتمثيل بالغرة
( ولا يجوز ) ولا يصح ( إجارة عين لمنفعة مستقبلة ) كإجارة الدار السنة المستقبلة أو سنة أولها من الغد
واحترز بالعين عن إجارة الذمة كما مر
فإن قيل يرد على الكتاب ما لو استأجره لعمل لا يعمل إلا بالنهار وعقد الإجارة ليلا وأطلق فإنه يصح وإن كان الحال يقتضي تأخير العمل كما لو أجر أرضا للزراعة في وقت لا يتصور المبادرة فيه إلى زراعتها
أجيب بأن قوله المنفعة مستقبلة يدل على أن ذلك وقع في لفظ العقد
ثم استثنى المصنف من قوله ولا يجوز إلخ مسألتين أشار إلى الأولى بقوله ( فلو أجر ) المالك ( السنة الثانية لمستأجر الأولى قبل انقضائها جاز ) ذلك ( في الأصح ) لاتصال المدتين مع اتحاد المستأجر كما لو أجر منه السنتين في عقد واحد
فإن قيل إن العقد الأول قد ينفسخ فلا يتحقق الاتصال
أجيب بأن الشرط ظهوره فلا يقدح عروض الانفساخ
والوجه الثاني لا يجوز كما لو أجرها لغيره وصححه جمع
واحترز بقوله قبل انقضائها عما لو قال أجرتكها سنة فإذا انقضت فقد أجرتكها سنة أخرى فإن العقد الثاني لا يصح كما لو علق بمجيء الشهر
تنبيه لو قال المصنف لمستحق منفعة السنة الأولى لكان أولى لشموله صورتين ذكرهما القفال في فتاويه إحداهما الموصى له بالمنفعة مدة يجوز للوارث أن يؤجره مدة ثانية قبل فراغ المدة الموصى له بها الثانية المعتدة بالأشهر المستحقة للسكنى بدار تصح إجارتها لها قبل فراغ العدة مدة مستقبلة
وإن استؤجرت الدار من المستأجر الأول فللمالك أن يؤجرها السنة الأخرى من الثاني لأنه المستحق الآن للمنفعة لا من الأول كما جزم به صاحب الأنوار لأنه الآن غير مستحق للمنفعة خلافا لما أفتى به القفال من ترجيح صحة الإجارة من الأول دون الثاني
ويجوز لمشتري العين المستأجرة أن يؤجرها من المستأجر من البائع السنة الثانية قبل فراغ الأولى لاتحاد المستأجر خلافا لابن المقري وكذا لو أجر الوارث ما أجره مورثه للمستأجر منه لما مر
هذا كله إذا لم يحصل فصل بين السنتين وإلا فلا تصح الثانية قطعا
وشمل كلامهم المطلق والوقف إلا إن شرط الواقف أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة فأجره الناظر سنة في عقد آخر قبل مضي المدة فإن العقد الثاني لا يصح كما أفتى به ابن الصلاح وإن بحث ابن الأستاذ الصحة
ولو أجر عينا فأجرها المستأجر لغيره ثم
____________________

الصفحة 338