تقابل المؤجر والمستأجر الأول صحت الإقالة كما قاله السبكي ولم تنفسخ الثانية كما قاله بعض المتأخرين وهو ظاهر ويخالف نظيره في البيع بانقطاع علقته بخلاف الإجارة
ولو أجره حانوتا أو نحوه مما يستمر الانتفاع به عادة أيام شهر لا لياليه أو عكسه لم يصح لأن زمان الانتفاع لم يتصل بعضه ببعض بخلاف العبد والدابة فيصح لأنهما عند الإطلاق للإجارة يرفهان في الليل أو غيره على العادة لأنهما لا يطيقان العمل دائما
ثم أشار إلى المسألة الثانية بما تضمنه قوله (ويجوز كراء العقب في الأصح) المنصوص جمع عقبة بضم العين وهي النوبة لأن كلا منهما يعقب صاحبه ويركب موضعه
(وهو) أي كراء العقب (أن يؤجر دابة رجلا) مثلا (ليركبها بعض الطريق) يعني كنصفه أو ربعه أو نحو ذلك والمؤجر البعض الآخر تناوبا مع عدم شرط البداءة بالمؤجر سواء أشرطاها للمستأجر أم أطلقا أو قالا ليركب أحدنا وسواء وردت الإجارة على العين أم الذمة لثبوت الاستحقاق حالا والتأخير الواقع من ضرورة القسمة
أما إذا اشترطا أن يركبها المؤجر أولا فإن العقد باطل في إجارة العين لتأخير حق المكتري وتعلق الإجارة بالمستقبل
(أو) يؤجرها (رجلين) مثلا (ليركب هذا أياما) معلومة (وذا أياما) كذلك تناوبا (ويبين البعضين) في الصورتين إن لم يكن عادة فإن كان هناك عادة مضبوطة بزمان أو مسافة اتبعت
(ثم يقتسمان) أي المكتري والمتكري في الأولى والمكتريان في الثانية الركوب بالتراضي على الوجه المبين أو المعتاد فإن تنازعا في الإبتداء أقرع
ومقابل الأصح أوجه أصحها المنع في الصورتين لأنها إجارة أزمان منقطعة
والثاني تصح في الصورة الثانية لاتصال زمن الإجارة فيها دون الأولى
والثالث تصح فيهما إن كانت في الذمة ولا تصح إن كانت معينة
واعلم أن قضية قوله أياما بصيغة الجمع جواز كون النوبة ثلاثة أيام فأكثر وهذا قد يخالفه قول الروضة وأصلها ليس لأحدهما طلب الركوب ثلاثا والمشي ثلاثا للمشقة قال السبكي والحق أنه يجوز أن يشارطا عليه إلا أن يكون فيه ضرر على البهيمة وكلام الروضة محمول على أنه بعد استقرار الأمر على يوم ونحوه ليس له طلب ثلاث قال الولي العراقي كلام الروضة محمول على ما إذا كانت العادة يوما اه
فإن اتفقا على ذلك ولم يحصل ضرر للماشي ولا للدابة جاز كما نقله في الثانية في البيان وبحثه بعضهم في الأولى
والزمان المحسوس في المناوبة زمن السير دون النزول كما قاله المتولي حتى لو نزل أحدهما للاستراحة أو لعلف الدابة لم يحسب زمن النزول لأن نفس الزمان غير مقصود وإنما المقصود قطع المسافة
ولو استأجر اثنان دابة لا تحملهما حمل الاستئجار على التعاقب وأن كانت تحملهما ركباها جميعا
ولو استأجر دابة ليركبها بعض الطريق متواليا صح قطعا أو أطلق أو استأجر نصفها إلى موضع كذا صحت الإجارة مشاعة كبيع المشاع ويقتسمان الزمان أو المسافة فإن تنازعا في البداءة أقرع بينهما كما مر
تنبيه يضاف إلى ما استثناه المصنف من المسألتين السابقتين مسائل الأولى ما لو أجر الشخص نفسه ليحج عن غيره إجارة عين قبل وقت الحج فإنه يصح إن لم يتأت تأديته من بلد العقد إلا بالسير قبله وكان بحيث يتهيأ للخروج عقبه
الثانية أنه يصح استئجار دار مثلا ببلد آخر وإن كان التسليم لا يتأتى إلا بقطع المسافة
الثالثة أنه يصح استئجار دار مشحونة بأمتعة يمكن نقلها في زمن يسير لا يقابل بأجرة
الرابعة ما سبق من صحة استئجار أرض للزراعة وعليها الماء قبل انحساره
فرع استئجار ما لا منفعة فيه في الحال كجحش صغير فاسد لأن الإجارة موضوعة على تعجيل المنافع بخلاف المساقاة على ما لا يثمر في تلك السنة ويثمر بعدها لأن تأخير الثمار يحتمل في كل مساقاة
ثم شرع في الشرط الثالث مترجما له بفصل فقال فصل (يشترط) في إجارة عين أو ذمة فيما له منافع كدار (كون المنفعة) في كل منهما (معلومة) عينا صفة وقدرا ولم يقل وكون المنفعة معلومة كما قال سابقا وكون المؤجر قادرا على تسليمها لكثرة أبحاث هذا الشرط فلا يصح
____________________