كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

فصار كما لو شرط أن يكتب العبد كل يوم عشر ورقات مثلا
تنبيه قال بعض شراح الكتاب ولو أبدل المصنف لفظ الدابة بالحيوان لكان أحسن ليشمل الأمة فإن حكمها كذلك ولذلك قدرتها في كلامه
ولعل هذا حمل الدابة على العرف فإن حملت على اللغة فهو كالتعبير بالحيوان
( وله الخيار ) فورا كما قاله الرافعي ( إن أخلف ) المشروط لفوات شرطه
( وفي قول يبطل العقد في الدابة ) بصورتيها بالشرط لا بالخلف لأنه شرط معها شيئا مجهولا فأشبه ما لو قال بعتكها وحملها
وأجاب الأول بأن المقصود الوصف به لا إدخاله في العقد لأنه داخل عند الإطلاق
وخرج ب يقصد ما لا يقصد بل هو من العيوب كالزنا والسرقة فإنه لا خيار بفواته بل إن كان من البائع فهو بيان للعيب وإن كان من المشتري فهو في حكم الرضا بالعيب
ولو شرط ثبوتها فخرجت بكرا فلا خيار له على الأصح خلافا للحاوي الصغير
ولو شرط أنه خصي فبان فحلا ثبت له الخيار قالوا لأنه لا يدخل على الحرم ولعل المراد به الممسوح وإلا فباقي الذكر كالفحل في وجوب الاحتجاب منه
( ولو قال بعتكها ) أي الدابة ومثلها الأمة ( وحملها ) أو بعتكها ولبن ضرعها ( بطل ) البيع ( في الأصح ) لجعله الحمل أو اللبن المجهول مبيعا مع المعلوم بخلاف بيعها بشرط كونها حاملا أو لبونا كما مر لأنه جعل ذلك وصفا تابعا وبيض الطير كالحمل
والثاني يجوز لأنه داخل في العقد عند الإطلاق فلا يضر التنصيص عليه كما لو قال بعتك هذا الجدار بأساسه
وفرق الأول بأن الأساس داخل في مسمى الجدار فذكره ذكر لما دخل في اللفظ فلا يضر التنصيص عليه والحمل غير داخل في مسمى البهيمة فإذا ذكر فقد ذكر شيئا مجهولا وباعه مع المعلوم ودخوله تبعا لا يستلزم دخوله في مسمى اللفظ
ويصح بيع الجبة بحشوها لدخول الحشو في مسمى الجبة فلا يضر ذكره لأنه تأكيد كما مر في الأساس
ولا فرق في هذه الأمثلة بين أن يأتي بالواو أو بالباء أو مع كما ذكره في المجموع في أثناء الأمثلة وإن فرق السبكي بين الواو والباء فقال بالبطلان في الواو وبالصحة مع الباء
( ولا يصح بيع الحمل وحده ) للنهي عن بيع الملاقيح
وهذه مكررة فإنه عين بيع الملاقيح وإنما ذكرها توطئة لقوله ( ولا ) بيع ( الحامل دونه ) لأنه لا يجوز إفراده بالعقد فلا يستثنى كأعضاء الحيوان ( ولا ) بيع ( الحامل بحر ) إلحاقا للاستثناء الشرعي بالاستثناء الحسي ولا بيع الحامل برقيق لغير مالك الأم فلو وكل مالك الحمل مالك الأم فباعهما دفعة لم يصح لأنه لم يملك العقد بنفسه فلا يصح منه التوكيل فيه
فإن قيل يشكل على عدم صحة بيع الحامل بحر أو برقيق لغير مالك الأم صحة بيع الدور المستأجرة مع أن المنفعة لا تدخل فكأنه استثناها
أجيب بأن الحمل أشد اتصالا من المنفعة بدليل جواز إفرادها بالعقد بخلافه وبأن استثناء المنفعة قد ورد في قصة جابر لما باع جمله من النبي صلى الله عليه وسلم واستثنى ظهره إلى المدينة فيبقى ما سواه على الأصل
( ولو باع حاملا ) حملها له ( مطلقا ) من غير تعرض لدخول أو عدمه ( دخل الحمل في البيع ) تبعا لها بالإجماع
أما إذا كان حملها لغيره فإن البيع لا يصح كما مر
ولو وضعت ولدا ثم باعها مالكها فوضعت عند المشتري ولدا آخر وبينه وبين الأول دون ستة أشهر ففي أواخر النهاية على النص أنه للبائع لأنه حمل واحد قال الإمام والقياس أنه للمشتري لانفصاله في ملكه وبهذا جزم الشيخان في باب الكتابة مستدلين به على نظائرها من الكتابة وقال المتولي في باب بيع الأصول والثمار إنه ظاهر المذهب فمن استثنى هذه الصورة من إطلاق المصنف فقد وهم
فصل فيما نهي عنه من البيوع نهيا لا يقتضي بطلانها وفيه أيضا ما يقتضي البطلان وغير ذلك
وقد شرع في بيان ذلك فقال ( ومن المنهي عنه ما لا يبطل ) بضم الياء بضبط المصنف أي مع كسر الطاء أي النهي فيه البيع
ويجوز فتح الطاء مع ضم الياء أيضا وعكسه
والضمير للمنهي عنه والضمير في ( لرجوعه ) يعود إلى النهي لدلالة المنهي
____________________

الصفحة 35