كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

تنفسخ الإجارة بطرو الحرية ولا تنفسخ بطرو الرق
فلو استأجر مسلم حربيا فاسترق أو استأجر منه دارا في دار الحرب ثم ملكها المسلمون لم تنفسخ الإجارة وإن أجر دارا بعبد ثم قبضه وأعتقه ثم انهدمت فالرجوع بقيمته ولو ظهر بالعبد عيب بعد العتق وفسخ المستأجر الإجارة ملك العتيق منافع نفسه لأنه صار مستقلا
فإن قيل لو بيع المؤجر وانفسخت الإجارة أن المنفعة ترجع للبائع لا للمشتري كما يأتي آخر الباب فكان القياس أنها ترجع للسيد كما رجحه الإسنوي أجيب بأن العتق لما كان متقربا به والشارع متشوقا إليه كانت منافع العتيق له نظر المقصود العتق من كمال تقربه بخلاف البيع ونحوه ولو أجر المكاتب نفسه ثم عجزه سيده انفسخت الإجارة لزوال ملكه عن نفسه ولا تصح مكاتبة المؤجر إذ لا يمكنه التصرف لنفسه
( ويصح بيع ) العين ( المستأجرة ) قبل إنقضاء مدة الإجارة ( للمكتري ) لأنها بيده من غير حائل فأشبه بيع المغصوب من الغاصب
( ولا تنفسخ الإجارة في الأصح ) لأن الملك لا ينافيها ولهذا يستأجر ملكه من المستأجر
والثاني تنفسخ كما لو اشترى زوجته فإن النكاح ينفسخ
وأجاب الأول بأنه إنما ينتقل إلى المشتري ما كان للبائع والبائع حين البيع ما كان يملك المنفعة بخلاف النكاح فإن السيد يملك منفعة بضع أمته المزوجة بدليل أنها لو وطئت بشبهة كان المهر للسيد لا للزوج
تنبيه قول المصنف في الأصح راجع إلى الإنفساخ أما البيع فصحيح قطعا كما في أصل الروضة
( ولو باعها ) المؤجر أو وهبها ( لغيره ) أذن المستأجر أم لا ( جاز في الأظهر ) لأن ثبوت العقد على المنفعة لا يمنع بيع الرقبة كالأمة المزوجة
والثاني لا يجوز لأن يد المستأجر مانعة من التسليم
وأجيب بأن العين تؤخذ منه وتسلم للمشتري ثم تعاد إليه يستوفي منفعتها إلى آخر المدة ويعفى عن القدر الذي يقع التسليم فيه لأنه يسير لا يثبت فيه خيار المستأجر كما لو انسدت بالوعة الدار فلا خيار لأن زمن فتحها يسير
تنبيه ما أطله المصنف من الصحة تبع فيه الجمهور ومحله إذا كانت الإجارة مقدرة بالمدة فإن قدرت بعمل غير مقدر بمدة كأن استأجر دابة للركوب إلى بلد كذا فعن أبي الفرج الزازان البيع ممتنع قولا واحدا لجهالة مدة السير ذكره البلقيني
ويقاس بالبيع ما في معناه
ويستثنى من محل الخلاف مسألة هرب الجمال السابقة فإنه يباع من الجمال قدر النفقة قالا ولا يحرج على الخلاف في بيع المستأجر لأنه محل ضرورة والبيع الضمني كأعتق عبدك عني على كذا فأعتقه عنه وهو مستأجر فإنه يصح قطعا لقوة العتق كما نقلاه عن القفال في كفارة الظهار وأقراه
( ولا تنفسخ ) الإجارة بما ذكر قطعا كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة المزوجة من غير الزوج فتبقى في يد المستأجر إلى انقضاء المدة وللمشتري الخيار إن جهل الإجارة وكذا إن علمها وجهل المدة كما قاله الرافعي في باب بيع الأصول والثمار ولو قال علمت بالإجارة ولكن ظننت أن لي أجرة ما يحدث على ملكي من المنفعة قال الغزالي في فتاويه ثبت له الخيار إنما كان ممن يشتبه عليه ذلك
وأجاب أبو بكر الشاشي بالمنع
قال الزركشي والأول أوجه لأنه مما يخفى
فإن علمها ولم يكن ذلك فلا خيار ولا أجرة وإن جهل ثم علم وأجاز فلا أجرة له لبقية المدة كما قاله البغوي
ولو وجد المستأجر به عيبا وفسخ الإجارة أو عرض ما تنفسخ به الإجارة فمنفعته بقية المدة للبائع في أحد وجهين رجحه ابن المقري لا للمشتري لأنه لم يملك منافع تلك المدة ولأن الفسخ يرفع العقد من حينئذ لا من أصله
خاتمة لو ألزم ذمته نسج ثوب على أن ينسجه بنفسه لم يصح التزامه لأنه غرر فإنه ربما يموت قبل النسج
ولو استأجر شخصا لخدمة ولو مطلقا عن ذكر وقتها وتفصيل أنواعها صح
وحمل الإطلاق على العرف في المستأجر والأجير رتبة وذكورة وأنوثة ومكانا ووقتا وغيرها
وإن استأجر للخبز بين أن ما يخبزه أرغفة أو أقراص غلاظ أو رقاق وأنه يخبز في فرن أو تنور وحطب الخباز كحبر النساخ فيعتبر فيه العرف
وعلى الأجير لغسل الثياب أجرة من يحملها إليه لأن حملها إليه من تمام الغسل إلا إن شرطت الأجرة فتلزمه
ولو استعار دابة ليركبها إلى بلد فركبها إليه ردها إلى المكان الذي سار منه ولو راكبا لها لأن الرد لازم له فالإذن يتناوله بالعرف
____________________

الصفحة 360