كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

مقامه ففي إزعاجه الخلاف السابق في الظاهر
ولو ازدحهم عليه اثنان وضاق عنهما فعلى ما سبق من الأوجه في المعدن الظاهر ولقطعة ذهب أبرزها السيل أو أتى بها حكم المعدن الظاهر
تنبيه سكوت المصنف عن الإقطاع هنا يفهم جوازه وهو الأظهر لأنه صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحرث المعادن القبلية رواه أبو داود وهي بفتح القاف والباء الموحدة قرية بين مكة والمدينة يقال لها الفرع بضم الفاء وإسكان الراء
وهذا الإقطاع إقطاع إرفاق كمقاعد الأسواق وقيل تمليك كإقطاع الموات
( ومن أحيا موتا فظهر فيه معدن باطن ) كذهب ( ملكه ) جزما لأنه بالإحياء ملك الأرض بجميع أجزائها ومن أجزائها المعدن بخلاف الركاز فإنه مودع فيها ومع ملكه له لا يجوز له بيعه على الأصح في الروضة لأن مقصود المعدن النيل وهو مجهول فلو قال مالكه لشخص ما استخرجته منه فهو لي ففعل فلا أجرة له أو قال فهو بيننا فله أجرة النصف أو قال له كله لك فله أجرته والحاصل مما استخرجه في جميع الصور للمالك لأنه هبة مجهول وخرج بظهر ما إذا كان عالما بأن بالبقعة المحياة معدنا فاتخذ عليه دارا ففيه طريقان أحدهما أنه على القولين في تملكه بالإحياء وهو قضية إطلاق المحرر فيكون الراجح عدم تملكه لفساد القصد وهو المعتمد كما هو في بعض نسخ الروض المعتمدة
والطريق الثاني القطع بأنه يملكه ورجحه في الكفاية
وخرج بالباطن الظاهر فلا يملكه بالإحياء إن علمه لظهوره من حيث إنه لا يحتاج إلى علاج
أما إذا لم يعلمه فإنه يملكه كما في الحاوي نقله عنه الشارح وهو المعتمد
فحاصله أن المعدنين حكمهما واحد وإن أفهمت عبارة المصنف أن الظاهر لا يملك مطلقا
وأما بقعة المعدنين فلا يملكها بالإحياء مع علمه بهما لفساد قصده لأن المعدن لا يتخذ دارا ولا مزرعة ولا بستانا أو نحوها
تنبيه إنما خص المعدن بالذكر لأن الكلام فيه وإلا فمن ملك أرضا بالإحياء ملك طبقاتها حتى الأرض السابعة
( والمياه المباحة من الأودية ) كالنيل والفرات ودجلة ( والعيون ) الكائنة ( في الجبال ) ونحوها من الموات وسيول الأمطار ( يستوي الناس فيها ) لخبر الناس شركاء في ثلاثة الماء والكلا والنار رواه ابن ماجة بإسناد جيد فلا يجوز لأحد تحجرها ولا للإمام إقطاعها كما نقله القاضي أبو الطيب و ابن الصباغ وغيرهما
ولو حضر اثنان فصاعدا أخذ كل ما شاء فإن ضاق وقد جاءا معا قدم العطشان لحرمة الروح فإن استويا في العطش أو في غيره أقرع بينهما وليس للقارع أن يقدم دوابه على الآدميين بل إذا استووا استؤنفت القرعة بين الدواب
ولا يحمل على القرعة المتقدمة لأنهما جنسان وإن جاءا مترتبين قدم السابق بقدر كفايته إلا أن يكون مستقيا لدوابه والمسبوق عطشان فيقدم المسبوق
والمراد بالمباح ما لا مالك له واحترز به عن الماء المملوك وسيذكره
فرع كل أرض وجد في يد أهلها نهر لا تسقى تلك الأرض إلا منه ولم يدر أنه حفر أو انحفر حكم لهم بملكه لأنهم أصحاب يد وانتفاع
والظاهر كما قال الأذرعي أن صورة المسألة أن يكون منبعه من أراضيهم المملوكة لهم أما لو كان منعه بموات أو كان يخرج من نهر عام كدجلة فلا بل هو باق على الإباحة
قال الزركشي ولو كان على الماء المباح قاطنون فأهل النهر أولى به قاله أبو الطيب
وفي معنى ذلك حافات المياه التي يعم جميع الناس الإرتفاق بها فلا يجوز تملك شيء منها بإحياء ولا بابتياع من بيت المال ولا غيره وقد عمت البلوى بالأبنية على حافات النيل كما عمت بالقرافة مع أنها مسبلة اه
وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك
( فإن أراد قوم سقي أراضيهم ) بفتح الراء بلا ألف بعدها ( منها ) أي المياه المباحة ( فضاق ) الماء عنهم وبعضها أعلى من بعض ( سقي الأعلى فالأعلى ) ولو كان زرع الأسفل قبل أن ينتهي الماء إليه فلا يجب على من فوقه إرساله إليه كما قاله أبو الطيب
( وحبس كل واحد ) منهم ( الماء حتى يبلغ الكعبين ) لأنه صلى الله عليه وسلم قضى بذلك رواه أبو داود بإسناد حسن وهذا ما عليه الجمهور
وقال
____________________

الصفحة 373