كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

على العود فلا إلا أن تطول غيبته اه
وهو حسن
وإعراضه عنها كارتحاله كما اقتضاه كلام الروياني
تنبيه كان ينبغي للمصنف أن يقول لارتفاق نفسه كما قدرته في كلامه ليخرج ما لو حفرها لإرتفاق المارة فإن الحافر كأحدهم أو حفرها لا بقصد شيء فإنه لا يختص بها على الأصح بل هو كواحد من الناس وتصير مشتركة بين الناس وإن لم يتلفظ بوقف كما صرح به الصيمري و الماوردي قالا ولو حفر لنفسه ثم أراد سدها ليس له ذلك لأنه قد تعلق بها حق الماشية بظهور مائها فلم يكن له إبطاله
( و ) البئر ( المحفورة ) في الموات لا للمارة بل ( للتملك أو في ملك يملك ) الحافر ( ماءها في الأصح ) لأنه نماء مسلكه كالثمرة واللبن والشجر النابت في ملكه
والثاني لا يملكه لخبر الناس شركاء في ثلاث السابق
ويجري الخلاف كما قال الروياني في كل ما ينبع في ملكه من لفظ وقير وملح ونحوها
( وسواء ملكه ) على الصحيح ( أم لا ) على مقابله ( لا يلزمه بذل ما فضل عن حاجته لزرع ) وشجر ( ويجب ) بذل الفاضل منه عن شربه لشرب غيره من الآدميين وعن ماشيته وزرعه لغيره ( لماشية ) ولو أقام غيره ثم
وقوله ( على الصحيح ) يمكن عوده إلى عدم الوجوب للزرع وإلى الوجوب للماشية فإن الخلاف فيهما وذلك لخبر الصحيحين لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ أي من حيث أن الماشية إنما ترعى بقرب الماء فإذا منع من الماء فقد منع من الكلأ
والمراد بالماشية هنا الحيوانات المحترمة
وأطلق المصنف الحاجة وقيدها الماوردي بالناجزة قال فلو فضل عنه الآن واحتاج إليه في ثاني الحال وجب بذله لأنه يستخلف هذا إن كان هناك كلأ مباح ولم يجد ماء مبذولا له ولم يحرزه في إناء ونحوه وإلا فلا يجب بذله
وإنما وجب بذله للماشية دون الزرع لحرمة الروح وقيل يجب للزرع كالماشية وقيل لا يجب للماشية كالماء المحرز
ولا يجب بذل فضل الكلأ لأنه لا يستخلف في الحال ويتمول في العادة وزمن رعيه يطول بخلاف الماء
وحيث لزمه بذل الماء للماشية لزمه أن يمكنها من ورود البئر إن لم يضر به فإن ضر به لم يلزمه تمكينها وجاز للرعاة استقاء الماء لها
وبما تقرر علم ما في كلام المصنف من الإجحاف وحيث وجب البذل لم يجز أخذ عوض عليه وإن صح بيع الطعام للمضطر لصحة النهي عن بيع فضل الماء رواه مسلم ولا يجب على من وجب عليه البذل إعارة آلة الإستقاء
ويشترط في بيع الماء التقدير بكيل أو وزن لا بري الماشية والزرع والفرق بينه وبين جواز الشرب من ماء السقاء بعوض أن الإختلاف في شرب الآدمي أهون منه في شرب الماشية والزرع
تنبيه الشرب وسقي الدواب من الجداول والأنهار المملوكة إذا كان السقي لا يضر بمالكها جائز إقامة للإذن العرفي مقام اللفظي قاله ابن عبد السلام ثم قال نعم لو كان النهر لمن لا يعتبر إذنه كاليتيم والأوقاف العامة فعندي فيه وقفة والظاهر الجواز
( والقناة ) أو العين ( المشتركة ) بين جماعة ( يقسم ماؤها ) عند ضيقه عنهم ( بنصب خشبة ) مستوية الطرفين والوسط موضوعة بمستوى من الأرض
وقوله ( في غرض النهر ) متعلق بنصب
( فيها ثقب ) بضم المثلثة أو له بخطه ولو قرئت بنون مضمومة جاز
( متساوية ) تلك الثقب ( أو متفاوتة على قدر الحصص ) من القناة أو العين لأنه طريق في استيفاء كل واحد حصته فلو كان لواحد النصف ولآخر الثلث ولآخر السدس جعل فيها ست ثقب للأول ثلاثة وللثاني اثنان وللثالث واحد ويجوز تساوي الثقب مع تفاوت الحقوق كأن يأخذ صاحب الثلث ثقبة والآخر ثقبتين هذا إن علم قدر الحصص فإن جهل قسم على قدر الأرض على الأصح في زيادة الروضة لأن الظاهر أن الشركة بحسب الملك
ويصنع كل واحد بنصيبه ما شاء لكن لا يسوقه لأرض لا شرب لها من النهر لأنه يجعل لها شربا لم يكن
أما إذا اتسع ماء القناة أو العين بحيث يحصل لكل قدر حاجته لم يحتج لما ذكر
( ولهم ) أي الشركاء ( القسمة مهايأة ) وهي أمر يتراضون عليه كأن يسقي كل منهم يوما أو بعضهم يوما وبعضهم أكثر بحسب حصته ويستأنس
____________________

الصفحة 375