كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

لذلك بقوله تعالى { لها شرب ولكم شرب يوم معلوم } وكسائر الأملاك المشتركة ولكل منهم الرجوع متى شاء فإن رجع وقد أخذ نوبته قبل أن يأخذ الآخر نوبته فعليه أجرة نوبته من النهر للمدة التي أخذ نوبته فيها
ويمنع أحدهم من توسيع النهر ومن تضييقه ومن تقديم رأس الساقية التي يجري فيها الماء ومن تأخيره ومن إجراء ما يملكه فيه ومن بناء قنطرة ورحى عليه ومن غرس شجرة على حافته إلا برضا الباقين كما في سائر الأملاك المشتركة وعمارته بحسب الملك
تنبيه قوله مهايأة منصوب إما على الحال على المبتدأ أو هو القسمة بناء على صحة الحال منه كما ذهب إليه سيبويه وغيره أو على أنها مفعول بفعل محذوف بتقدير ويقسم مهايأة ويجوز كون القسمة فاعلة بالظرف بناء على قول من جوز عمل الجار بلا اعتماد وهم الكوفيون وعليه فنصب مهايأة على الحال من الفاعل
خاتمة لا يصح بيع ماء البئر والقناة منفردا عنهما لأنه يزيد شيئا فشيئا ويختلط المبيع بغيره فيتعذر التسليم
فإن باعه بشرط أخذه الآن صح ولو باع صاعا من ماء راكد صح لعدم زيادته أو من جار فلا لأنه لا يمكن ربط العقد بمقدار مضبوط لعدم وقوفه
ولو باع ماء القناة مع قراره والماء جار لم يصح البيع في الجميع للجهالة وإن أفهم كلام الروضة البطلان في الماء فقط عملا بتفريق الصفقة
فإن اشترى البئر وماءها الظاهر أو جزأيهما شائعا وقد عرف عمقها فيهما صح وما ينبع في الثانية هو مشترك بينهما كالظاهر بخلاف ما لو اشتراها أو جزأها الشائع دون الماء أو أطلق لا يصح لئلا يختلط الماءان
ولو سقى زرعه بماء منصوب ضمن الماء ببدله والغلة له لأنه المالك للبذر فإن غرم البدل وتحلل من صاحب الماء كانت الغلة أطيب له مما لو غرم البدل فقط
ولو أشعل نارا في حطب مباح لم يمنع أحدا الانتفاع بها ولا الاستصباح منها فإن كان الحطب له فله المنع من الأخذ منها لا الإصطلاء بها ولا الاستصباح منها
4 كتاب الوقف هو والتحبيس والتسبيل بمعنى
وهو لغة الحبس يقال وقفت كذا أي حبسته ولا يقال أوقفته إلا في لغة تميمية وهي رديئة وعليها العامة
وهو عكس حبس فإن الفصيح أحبس وأما حبس فلغة رديئة
وشرعا حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود ويجمع على وقوف وأوقاف
والأصل فيه قوله تعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } فإن أبا طلحة لما سمعها رغب في وقف بيرحاء وهي أحب أمواله
وقوله تعالى { وما يفعلوا من خير فلن يكفروه } وخبر مسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له
والولد الصالح هو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد ولعل هذا محمول على كمال القول وأما أصله فيكفي فيه أن يكون مسلما
والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف كما قاله الرافعي فإن غيره من الصدقات ليست جارية بل يملك المتصدق عليه أعيانها ومنافعها ناجزا
وأما الوصية بالمنافع لو إن شملها الحديث فهي نادرة فحمل الصدقة في الحديث على الوقف أولى وفي الصحيحين أن عمر رضي الله تعالى عنه أصاب أرضا بخيبر فقال يا رسول الله ما تأمرني فيها فقال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق بها عمر على أن لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث
وهو أول وقف في الإسلام على المشهور
وقال جابر رضي الله تعالى عنه ما بقي أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له مقدرة إلا وقف وقفا وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه في القديم بلغني أن ثمانين صحابيا من الأنصار تصدقوا بصدقات محرمات
و الشافعي يسمى الأوقاف الصدقات المحرمات
وأركانه أربعة واقف موقوف وموقوف عليه وصيغة
وقد شرع في الركن الأول فقال ( شرط الواقف صحة عبارته ) دخل في ذلك الكافر فيصح
____________________

الصفحة 376