كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

تنبيه ظاهر كلامه كغيره أنه يصح وقف المشاع مسجدا وبه صرح ابن الصلاة وقال يحرم المكث فيه على الجنب تغليبا للمنع وتجب القسمة لتعينها طريقا
قال السبكي والقول بوجوبها مخالف للمذهب المعروف يعني من منع قسمة الوقف من المطلق إلا أن يكون فيه نقل صريح بخصوصه وأفتى البارزي بجواز المكث فيه ما لم يقسم كما يجوز للجنب حمل المصحف مع الأمتعة واعترضه السبكي بأن محل جواز حمل المصحف مع الأمتعة إذا لم يكن مقصودا اه
وكلام ابن الصلاح هو الظاهر كما قاله ابن شهبة
وتستثنى هذه الصورة من منع قسمة الوقف من المطلق للضرورة ولا فرق بين أن يكون الموقوف مسجدا هو الأقل أم لا
فإن قيل ينبغي عدم حرمة المكث فيما إذا كان الموقوف مسجدا أقل كما أنه لا يحرم حمل التفسير إذا كان القرآن أقل على المحدث
أجيب بأن المسجدية هنا شائعة في جميع أجزاء الأرض غير متميزة في شيء منها فلم يمكن تبعية الأقل للأكثر إذ لا تبعية إلا مع التمييز بخلاف القرآن فإنه متميز عن التفسير فاعتبر الأكثر ليكون الباقي تابعا ومر في باب الإعتكاف أنه لا يصح الإعتكاف فيه
( لا عبد وثوب ) مثلا ( في الذمة ) سواء في ذلك ذمته وذمة غيره كأن يكون له في ذمة غيره عبد أو ثوب بسلم أو غيره فلا يصح وقفهما إذ لا ملك والوقف إزالة ملك عن عين
نعم يصح وقفهما بالتزام نذر في ذمة الناذر كقوله لله علي وقف عبد أو ثوب مثلا ثم يعينه بعد ذلك
( ولا ) يصح ( وقف حر نفسه ) لأن رقبته غير مملوكة كما لا يهب نفسه
ولا يصح وقف المنفعة دون الرقبة مؤقتة كانت كالإجارة أو مؤبدة كالوصية لأن الرقبة أصل والمنفعة فرع والفرع يتبع الأصل
( وكذا مستولدة وكلب معلم ) أو قابل للتعليم كما بحثه السبكي ( وأحد عبديه ) لا يصح وقف واحد منهم ( في الأصح ) لأن المستولدة آيلة إلى العتق وليست قابلة للنقل إلى الغير وبهذا فارقت صحة وقف المعلق عتقه بصفة والكلب غير مملوك وأحد العبدين مبهم
والثاني يصح في أم الولد قياسا على صحة إجارتها وفي الكلب كذلك على رأي وفي أحد العبدين قياسا على عتقه
وفرق الأول بأن العتق أنفذ بدليل سرايته وتعليقه أما غير المعلم والقابل للتعليم فلا يصح وقفه جزما
( ولو وقف بناء أو غرسا في أرض مستأجرة لهما ) أو مستعارة كذلك أو موصى له بمنفتها ( فالأصح جوازه ) سواء أكان الوقف قبل انقضاء المدة أم بعده كما صرح به ابن الصلاح أو بعده رجوع المعير لأن كلا منهما مملوك يمكن الانتفاع به في الجملة مع بقاء عينه ويكفي دوامه إلى القلع بعد مدة الإجارة أو رجوع المعير
والثاني المنع لأنه معرض للقلع فكأنه وقف ما لا ينتفع به
تنبيه ظاهر كلامهم أنه لو غرس أو بنى بعد انقضاء مدة الإجارة أو رجوع المعير أنه لا يصح وقفه وهو كذلك لأنه غير موضوع بحق ولذا قال شيخنا في منهجه وبناء وغراس وضعا بأرض بحق اه
ولو قلع البناء بعد انقضاء مدة الإجارة أو رجوع المعير بقي وقفا كما كان إن نفع فإن لم ينفع فهل يصير ملكا للواقف أو للموقوف عليه وجهان قال الإسنوي والصحيح غيرهما وهو شراء عقار أو جزء من عقار ويقاس بالبناء في ذلك الغراس
وقال السبكي الوجهان بعيدان وينبغي أن يقال الوقف باق بحاله وإن كان لا ينتفع به لأنا لو جعلناه ملكا للموقوف عليه أو للواقف لجاز بيعه وبيع الوقف ممتنع اه
وكلام الإسنوي هو الظاهر إن كان الغراس ما بقي يصلح إلا للإحراق وصارت آلة البناء لا تصلح له وإلا فكلام السبكي وأرش النقص الحاصل بقطع الموقوف يسلك به مسلكه فيشترى به شيء ويوقف على تلك الجهة
فرع لو شرط الواقف صرف أجرة الأرض المستأجرة من ريع الموقوف هل يصح الوقف أو لا قيل لا يصح لأن الأجرة دين في ذمته فأشبه ما لو وقف على قضاء دينه
وقال ابن دقيق العيد الظاهر الصحة ووقف البناء لا يمنع وجوب إجرة القرار فإذا شرط صرف الأجرة من ريعه فقد شرط ما يوافق مقتضى العقد ولا ينافيه شرعا قال الزركشي وقد صرح ابن الأستاذ بأن الأجرة من ريع الوقف إن شرط الواقف ذلك أو سكت عنه اه
وما بحثه ابن دقيق العيد
____________________

الصفحة 378