كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

احتمالين
( و ) الأصح ( أن قوله جعلت ) هذه ( البقعة مسجدا ) وإن لم يكن لله ( تصير به ) أي بمجرد هذا اللفظ ( مسجدا ) لأن المسجد لا يكون إلا وقفا فأغنى لفظه عن لفظ الوقف ونحوه
والثاني وعليه جمع كثير أن القول المذكور لا يصيره مسجدا لعدم ذكر شيء من ألفاظ الوقف
وإن قال جعلت البقعة مسجدا لله تعالى صارت مسجدا جزما وكذا إن قصد بقوله جعلت البقعة مسجدا لوقف كما صرح به القاضي حسين
ولو قال وقفتها للصلاة كان صريحا في الوقف كفاية في وقفه مسجدا فيحتاج إلى نية
ولو بنى بيتا وأذن في الصلاة فيه لم يصر بذلك مسجدا وإن صلى فيه ونوى جعله مسجدا وقد تقدم أن النية تكفي فيما إذا بناه في موات
( و ) الأصح ( أن الوقف على معين يشترط فيه قبوله ) متصلا بالإيجاب إن كان من أهل القبول وإلا فقبول وليه كالهبة والوصية وهذا هو الذي قاله الجوزي و الفوراني وصححه الإمام وأتباعه وعزاه الرافعي في الشرحين للإمام وآخرين وصححه في المحرر ونقله في زيادة الروضة عنه مقتصرا عليه وجرى عليه في الكتاب
والثاني لا يشترط واستحقاقه المنفعة كاستحقاق العتيق منفعة نفسه بالإعتاق قال السبكي وهذا ظاهر نصوص الشافعي في غير موضع واختاره الشيخ أبو حامد و سليم و الماوردي والمصنف في الروضة في السرقة ونقله في شرح الوسيط عن الشافعي واختاره ابن الصلاح وجرى عليه شيخنا في منهجه
قال في المهمات ووافقه قول الرافعي لو قال وقفت عليه زوجته انفسخ النكاح
قال في الوسيط والذي رأيته في نسخ الرافعي فلو وقف بحذف لفظة قال وهو الصواب أي فيكون الوقف قد تم بإيجاب وقبول بخلاف الأول فإنه ينفسخ بمجرد قول الواقف وقفت عليه زوجته فيكون مفرعا على عدم القبول
وبالجملة فالأول هو المعتمد
وإلحاق الوقف بالعتق ممنوع لأن العتق لا يرد بالرد ولا يبطل بالشروط المفسدة بخلاف الوقف في ذلك باتفاق القائلين بأنه ينتقل إلى الله تعالى
وعلى هذا يستثنى ما إذا وقف على إبنه الحائز ما يخرج من ثلثه فإن قضية كلامهم في باب الوصية لزوم الوقف بمجرد اللفظ وبه صرح الإمام
ولا يشترط على القول بالقبول القبض على المذهب وشذ الجوزي فحكى قولين في اشتراطه في المعين
تنبيه قضية كلام المصنف ترجيح اشتراط القبول في البطن الثاني والثالث لأنهم يتلقون الوقف من الواقف قال السبكي والذي يتحصل من كلام الشافعي والأصحاب أنه لا يشترط قبولهم وإن شرطنا قبول البطن الأول وأنه يريد بردهم كما يرتد برد الأول على الصحيح فيهما وجرى على هذا ابن المقري
وعلى هذا فإن ردوا فمنقطع الوسط أو رد الأول بطل كالوكالة والوصية والوقف
أما الوقف على جهة عامة كالفقراء أو على مسجد أو نحوه فلا يشترط فيه القبول جزما لتعذره
فإن قيل لم لم يجعل الحاكم نائبا في القبول كما جعل نائبا عن المسلمين في استيفاء القصاص
أجيب بأن القصاص لا بد له من مباشر فلذلك جعل نائبا فيه بخلاف هذا ولم يشترطوا قبول ناظر المسجد بخلاف ما لو وهب للمسجد شيء فإنه لا بد من قبول ناظره وقبضه كما لو وهب شيء لصبي
وقوله جعلته للمسجد كناية تمليك لا وقف فيشترط قبول الناظر وقبضه كما مر
( ولو رد ) الموقوف عليه المعين العين الموقوفة ( بطل حقه ) سواء ( شرطنا القبول ) من المعين ( أم لا ) كالوصية والوكالة
ولو رجع بعد الرد لم يعد له وقول الروياني يعود له إن رجع قبل حكم الحاكم به لغيره مردود كما نبه عليه الأذرعي
نعم لو وقف على وارثه
الحائز لتركته شيئا يخرج من الثلث لزم ولم يبطل حقه برده كما نقله الشيخان في باب الوصايا عن الإمام
تنبيه يشترط في الوقف أربعة شروط الأول التأبيد كالوقف على من لم ينقرض قبل قيام الساعة كالفقراء أو على من ينقرض ثم على من لا ينقرض كزيد ثم الفقراء فلا يصح تأقيت الوقف كما تضمنه قوله ( ولو قال وقفت هذا ) على كذا ( سنة ) مثلا ( فباطل ) هذا الوقف لفساد الصيغة
فإن أعقبه بمصرف ك وقفته على زيد سنة ثم على الفقراء صح وروعي فيه شرط الواقف كما نقله البلقيني عن الخوارزمي
تنبيه ما ذكر محله فيما لا يضاهي التحرير أما ما يضاهيه كالمسجد والمقبرة والرباط كقوله جعلته مسجدا سنة
____________________

الصفحة 383