كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

فإنه يصح مؤبدا كما لو ذكر فيه شرطا فاسدا قاله الإمام وتبعه غيره أي وهو لا يفسد بالشرط الفاسد
( ولو قال وقفت على أولادي أو على زيد ثم نسله ) ونحوه مما لا يدوم ( ولم يزد ) على ذلك من يصرف إليه بعدهم ( فالأظهر صحة الوقف ) لأن مقصود الوقف القربة والدوام وإذا بين مصرفه ابتداء سهل إدامته على سبيل الخير ويسمى منقطع الآخر
والثاني بطلانه لانقطاعه
وعلى الأول ( فإذا انقرض المذكور فالأظهر أنه يبقى وقفا ) لأن وضع الوقف على الدوام كالعتق
والثاني يرتفع الوقف ويعود ملكا للواقف أو وارثه إن مات
( و ) الأظهر على الأول ( أن مصرفه ) عند انقراض من ذكر ( أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور ) لأن الصدقة على الأقارب من أفضل القربات وفي الحديث صدقتك على غير رحمك صدقة وعلى رحمك صدقة وصلة
ويختص المصرف وجوبا كما صرح به الخوارزمي وغيره بفقراء قرابة الرحم لا الإرث في الأصح فيقدم ابن بنت على ابن عم
فإن قيل الزكاة وسائر المصارف الواجبة عليه شرعا لا يتعين صرفها ولا الصرف منها إلى الأقارب فهلا كان الوقف كذلك أجيب بأن الأقارب مما حث الشارع عليهم في تحبيس الوقف لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة أرى أن تجعلها في الأقربين فجعلها في أقاربه وبني عمه
وأيضا الزكاة ونحوها من المصارف الواجبة لها مصرف متعين فلم تتعين الأقارب وهنا ليس معنا مصرف متعين والصرف إلى الأقارب أفضل فعيناه
والثاني يصرف إلى الفقراء والمساكين لأن الوقف يؤول إليهم في الإنتهاء
وعلى الأول فإن لم يكن له أقارب صرف الإمام الريع إلى مصالح المسلمين كما حكاه الروياني عن النص وقيل يصرف إلى الفقراء والمساكين
تنبيه هذا إذا كان الواقف مالكا مستقلا فإن وقف الإمام من بيت المال على بني فلان ثم انقرضوا قال الزركشي لم يصرف إلى أقارب الإمام بل في المصالح قال وهذا أصح وإن لم يذكروه
وقد وقع في الفتاوى ولو لم يعرف أرباب الوقف فمصرفه كما في منقطع الآخر
( ولو كان الوقف منقطع الأول كوقفته على ) ولدي ولا ولد له أو على مسجد سيبني أو على ( من سيولد لي ) ثم الفقراء ( فالمذهب بطلانه ) لأن الأول باطل لعدم إمكان الصرف إليه في الحال فكذا ما ترتب عليه
والطريق الثاني فيه قولان أحدهما الصحة وصححه المصنف في تصحيح التنبيه ولو وقف على بعض ورثته في المرض ولم يجز الباقون أو على مبهم ثم الفقراء فمنقطع الأول
تنبيه تمثيل المصنف لمنقطع الأول ناقص فكان ينبغي أن يزيد ما قدرته وإلا فهو منقطع الأول والآخر ولا خلاف في بطلانه كما قاله القاضي وغيره
( أو ) كان الوقف ( منقطع الوسط ) بفتح السين ( كوقفت على أولادي ثم ) على ( رجل ) منهم ( ثم ) على ( الفقراء فالمذهب صحته ) لوجود المصرف في الحال والمآل والخلاف هنا مبني على الخلاف في منقطع الآخر وأولى بالصحة لما ذكر
وعلى الأول بعد أولاده يصرف للفقراء لا لأقرب الناس إلى الواقف لعدم معرفة أمد الانقطاع فإن قال وقفت على أولادي ثم على العبد نفسه ثم على الفقراء كان منقطع الوسط أيضا ولكن في هذه الصورة يصرف بعد أولاده لأقرباء الواقف مثل ما مر في منقطع الآخر والشارح جعل صورة المتن كهذه الصورة وتبعه كثير من الشراح وليس كذلك ولم أر من نبه على التفرقة بين الصورتين غير ابن المقري في روضه وتبعه على ذلك شيخنا في شرح منهجهه
ثم شرع في الشرط الثاني وهو بيان المصرف فقال ( ولو اقتصر على ) قوله ( وقفت ) كذا ولم يذكر مصرفه ( فالأظهر بطلانه ) لعدم ذكر مصرفه
فإن قيل لو قال أوصيت بثلث مالي ولم يذكر مصرفا أنه يصح ويصرف للمساكين فهلا كان هنا كذلك كما يقول به مقابل الأظهر واختاره الشيخ أبو حامد ومال إليه السبكي
____________________

الصفحة 384