كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

المقبرة بطائفة اختصت بهم عند الأكثرين كما قاله الإمام
( ولو وقف على شخصين ) معينين ( ثم الفقراء ) ( مثلا فمات أحدهما فالأصح المنصوص ) في حرملة ( أن نصيبه يصرف إلى الآخر ) لأن شرط الانتقال إلى الفقراء انقراضهما جميعا ولم يوجد وإذا امتنع الصرف إليهم فالصرف إلى من ذكره الواقف أولى
والثاني يصرف إلى الفقراء كما يصرف إليهم إذا ماتا
تنبيه محل الخلاف ما لم يفصل فإن فصل فقال وقفت على كل منهما نصف هذا فهو وقفان كما ذكره السبكي فلا يكون نصيب الميت منهما للآخر بل يحتمل انتقاله للأقرب إلى الواقف أو الفقراء وهو الأقرب إن قال ثم على الفقراء فإن قال ثم من بعدهما على الفقراء فالأقرب الأول
ولو وقف عليهما وسكت عمن يصرف إليه بعدهما فهل نصيبه للآخر أو الأقوياء الواقف وجهان أوجههما كما قال شيخنا أنه للآخر وصححه الأذرعي
ولو رد أحدهما أو بان ميتا فالقياس على الأصح صرفه للآخر
ولو وقف على زيد ثم عمرو ثم بكر ثم الفقراء فمات عمرو قبل زيد ثم مات زيد قال الماوردي و الروياني لا شيء لبكر وينتقل الوقف من زيد إلى الفقراء لأنه رتبه بعد عمرو وعمرو بموته أو لا لم يستحق شيئا لم يجز أن يتملك بكر عنه شيئا
وقال القاضي في فتاويه الأظهر أنه يصرف إلى بكر لأن استحقاق الفقراء مشروط بانقراضه كما لو وقف على ولده ثم ولد ولده ثم الفقراء فمات ولد الوالد ثم الولد يرجع إلى الفقراء
ويوافقه فتوى البغوي في مسألة طويلة حاصلها أنه إذا مات واحد من ذرية الواقف في وقف الترتيب قبل استحقاقه للوقف لحجبه بمن فوقه يشارك ولده من بعده عند استحقاقه
قال الزركشي وهذا هو الأقرب
ولو قال وقفت على أولادي فإذا انقرض أولادهم فعلى الفقراء هل تدخل أولاد الأولاد في الوقف أو لا اختار ابن أبي عصرون الأول ويجعل ذكرهم قرينة في دخولهم
وقال الأذرعي إنه المختار
وقال الشيخ أبو حامد الصحيح أنه منقطع الوسط لأن أولاد الأولاد لم يشترط لهم شيئا وإنما شرط انقراضهم لاستحقاق غيرهم اه
وهذا أوجه
فصل في أحكام الوقف اللفظية والأصل فيها أن شروط الواقف مرعية ما لم يكن فيها ما ينافي الوقف
فإذا تلفظ الواقف في صيغة وقفه بحرف عطف يقتضي تشريكا أو ترتيبا عمل به كما أشار المصنف إلى ذلك بقوله ( قوله ) أي الشخص ( وقفت ) كذا ( على أولادي وأولاد أولادي يقتضي التسوية ) في أصل الإعطاء والمقدار ( بين الكل ) وهو جميع أفراد الأولاد وأولادهم ذكرهم وأنثاهم لأن الواو لمطلق الجمع لا للترتيب كما هو الصحيح عند الأصوليين ونقل عن إجماع النحاة ومن جعلها للترتيب كما حكاه الماوردي في باب الوضوء عن أكثر الأصحاب ينبغي كما قال ابن الرفعة تقديم الأولاد
ولو جمعهم بالواو ثم قال ومن مات منهم فنصيبه لولده فمات أحدهم اختص ولده بنصيبه وشارك الباقين فيما عداه
تنبيه إدخال أل على كل جائز عند الأخفض والفارسي ومنعه الجمهور نظرا إلى أن إضافة كل معنوية فلا تجامعها
( وكذا ) يسوي بين الكل ( لو زاد ) على أولاد أولادي قوله ( ما تناسلوا ) أي أولاد الأولاد وكأنه قال عليهم وعلى أعقابهم ما تناسلوا
فإن قيل قوله ما تناسلوا لا يقتضي تسوية ولا ترتيبا وإنما يقتضي التعميم
أجيب بأنه يقتضي التعميم بالصفة المتقدمة وهي التسوية فيكون بمنزلة قوله وإن سفلوا
( أو ) زاد على ما ذكر قوله ( بطنا بعد بطن ) أو نسلا بعد نسل فإنه أيضا يقتضي التسوية بين الجميع فيشارك البطن الأسفل البطن الأعلى كقوله ما تناسلوا
وهذا ما جرى عليه البغوي و الفوراني و العبادي ووجه بأن بعد تأتي بمعنى مع كما في قوله تعالى { والأرض بعد ذلك دحاها } أي مع ذلك على أحد الأقوال
وذهب الجمهور إلى أن قوله بطنا بعد بطن للترتيب كقوله الأعلى فالأعلى وصححه السبكي تبعا لابن يونس قال وعليه هو للترتيب بين البطنين فقط فينتقل بانقراض الثاني لمصرف آخر إن
____________________

الصفحة 386