كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

الأب والأم حرم التفريق بينه وبينها وحل بينه وبين الأب أو اجتمع الأب والجدة للأم عند فقد الأم فهما سواء فيباع مع أيهما كان كما هو قضية كلام الحاوي الصغير والجدة للأم كالأم عند عدمها لا عند وجودها على الأصح
وفي الجدات والأجداد للأب عند فقد الأبوين وأم الأم ثلاثة أوجه حكاها الشيخان في باب السير من غير ترجيح ثالثها جواز التفريق في الأجداد دون الجدات لأنهم أصلح للتربية
قال الولي العراقي ويظهر تصحيح المنع وهو الذي أورده الروياني و الجرجاني وأما الجد للأم فقال المتولي إنه كالجد للأب وقال الماوردي إنه كسائر المحارم
والأقرب كما قال السبكي الأول
ولا يحرم التفريق بينه وبين سائر المحارم كالأخ والعم وإن قوى السبكي التحريم بينه وبينهم
( وإذا فرق ) بين الولد بعد سقيه اللبأ وبين من يمتنع التفريق بينه وبينه ( ببيع أو هبة بطلا في الأظهر ) لعدم القدرة على التسليم شرعا
والثاني لا لأن النهي للإضرار لا للخلل في نفس المبيع وعلى هذا لا نقرهما على التفريق بل إن تراضيا على ضم أحدهما إلى الآخر استمر العقد وإلا فسخ كما قالاه
ويجري القولان في جميع أنواع التمليك وأما قبل سقيه اللبأ فيبطل جزما
ويستثنى من الأول ما لو كان المبيع ممن يحكم بعتقه على المشتري فالظاهر كما قال الأذرعي وغيره عدم التحريم وصحة البيع لتحصيل مصلحة الحرية ولما مر من جواز التفريق الإعتاق
ويحرم بيع بعض أحدهما فقط وبيع أحدهما مع بعض الآخر وبيع بعض كل منهما عند عدم التساوي فإن تساوى البعضان كأن باع نصفهما معا جاز كما دل عليه كلام الرافعي في السير
وألحق الغزالي التفريق بالسفر بالتفريق بالبيع وطرده في التفريق بين الزوجة وولدها وإن كانت حرة بخلاف المطلقة لا يحرم لإمكان صحبتها له
ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو ملك كافر صغيرا وأبويه وهما كافران ثم أسلم الأب وتخلفت الأم فإن الولد يتبعه ويؤمر بإزالة الملك عنهما دونها قاله صاحب الاستقصاء
وينبغي أنه لو مات الأب أن يباع الولد للضرورة كما قاله بعض المتأخرين
قال الأذرعي ومثله ما لو تبع الطفل السابي في الإسلام ثم ملك أمه الكافرة فله بيع أحدهما دون الآخر فيما يظهر اه
وهذا ممنوع لأن الأصحاب لم يفرقوا بين الأم المسلمة والكافرة والتفريق وجه حكاه الدارمي وإنما فرق في الصورة المتقدمة للضرورة
تنبيه قوله ( بطلا ) قال الإسنوي كان الأحسن إسقاط الألف منه فإن الأفصح في الضمير الواقع بعد أو أن يؤتى به مفردا يقول إذا لقيت زيدا أو عمرا فأكرمه وقال الولي العراقي والصواب حذف الألف اه
والأولى ما قاله الزركشي من أنه إنما ثنى الضمير لأن أو للتنويع فهو نظير قوله تعالى { إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما }
ثم شرع في الصورة الثانية فقال ( ولا يصح بيع العربون ) وهو ( بأن يشتري ) سلعة ( ويعطيه دراهم ) مثلا ( لتكون من الثمن إن رضي السلعة وإلا فهبة ) بالنصب للنهي عنه رواه أبو داود وغيره ولأن فيه شرطين فاسدين أحدهما شرط الهبة والثاني شرط الرد على تقدير أن لا يرضى
تنبيه في العربون ست لغات فتح العين والراء وهي الفصيحة
وضم العين وإسكان الراء وعربان بالضم والإسكان وإبدال العين همزة مع الثلاثة
وهو أعجمي معرب وأصله في اللغة التسليف والتقديم
فائدة البيع ينقسم إلى الأحكام الخمسة وهي الواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح فالواجب كبيع الولي مال اليتيم إذا تعين بيعه وبيع القاضي مال المفلس بشروطه
وأما بيع الماء لمحتاجه والطعام من المضطر فالواجب فيهما التمليك لا البيع نفسه وبعضهم أدرجهما في البيع الواجب
وأما الحرام فغالب ما ذكره المصنف في هذا الفصل والذي قبله
وأما المندوب فكالبيع بالمحاباة وبيع الطعام زمن الغلاء ونحوه
وأما المكروه فكبيع دور مكة والبيع ممن أكثر ماله حرام أو فيه حرام ولم يتحقق أن المأخوذ من الحرام وإلا فحرام وبيع المصحف قيل وثمنه يقابل الدفتين لأن كلام الله لا يباع وقيل إنه بدل أجرة نسخه حكاهما الرافعي عن الصيمري
وبيع العينة وهي بكسر المهملة وإسكان التحتية وبالنون أن يبيعه عينا بثمن كثير مؤجل ويسلمها له ثم يشتريها منه بنقد يسير ليبقى الكثير في ذمته

____________________

الصفحة 39