كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

الكناية الكتابة واختار في المجموع صحتها بالمعاطاة
وقوله لغيره كسوتك هذا الثوب كناية في الهبة فإن قال الواهب لم أردها صدق لأنه يصلح للعارية فلا يكون صريحا في الهبة كالبيع
ولا يصح قبول بعض الموهوب أو قبول أحد شخصين نصف ما وهب لهما وجهان أوجههما كما قال شيخ تبعا لبعض اليمانيين الصحة بخلاف البيع فإنه لا يصح لأنه معاوضة بخلاف الهبة فاغتفر فيها ما لم يغتفر فيه وإن قال بعض المتأخرين إن هذا الفرق بين بقادح
(ولا يشترطان) أي الإيجاب والقبول (في الهدية على الصحيح) ولو في غير المطعوم (بل يكفي البعث من هذا) أي المهدي ويكون كالإيجاب (والقبض من ذاك) أي المهدى إليه ويكون كالقبول كما جرى عليه الناس في الأعصار وقد أهدى الملوك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الكسوة والدواب والجواري كما مر
وفي الصحيحين كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبويها ولم ينقل إيجاب ولا قبول
والثاني يشترطان كالهبة وحمل ما جرى عليه الناس على الإباحة رد بتصرفهم في المبعوث تصرف الملاك والفروج لا تباح بالإباحة
تنبيه سكوت المصنف عن احتياج الصدقة إلى الصيغة يشعر بعدم افتقارها إليها قطعا وقال الإمام إنه الظاهر لكن قال في الروضة وأصلها إن الصدقة كالهدية بلا فرق
فإن قيل بل كلامه إنما يشعر باشتراط الإيجاب والقبول فيها لأنه اعتبر الإيجاب والقبول ولم يستثن إلا الهدية
أجيب بأن المراد الهبة في قوله وشرط الهبة إيجاب وقبول الهبة الخاصة المقابلة للهدية والصدقة كما مرت الإشارة إليه لا الهبة العامة المرادة أول الباب
وقوله لفظا تأكيد ونصبه بنزع الخافض الياء
فرع لو ختن شخص ولده واتخذ دعوة فأهدي إليه ولم يسم أصحاب الهدايا الابن ولا الأب حكي في المسألة وجهان أحدهما أنها للابن وصححه العبادي وصاحب الكافي وجزم به القاضي حسين
والثاني ويحكى عن الشيخ أبي إسحاق وقال المصنف إنه أقوى وأصح أنها للأب
ولو غرس شجرا وقال عند غرسه غرسته لطفلي لم يملكه فإن قال جعلته له صار ملكه أي إذا قبله له مما مر
ولا يصح تعليق الصفة ولا توفيتها إلا ما استثناه بقوله (ولو قال أعمرتك هذه الدار) مثلا أي جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت أو حييت أو نحو ذلك (فإذا مت) بفتح التاء (فهي لورثتك) أو لعقبك كما في الروضة (فهي هبة) حكما ولكنه طول العبارة فيعتبر الإيجاب والقبول وتلزم بالقبض فإذا مات كانت لورثته فإن لم يكونوا فلبيت المال ولا تعود للواهب بحال لخبر مسلم أيما رجل أعمر عمري فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها
ولو اقتصر على) قوله (أعمرتك) هذه الدار مثلا ولم يتعرض لما بعد موته (فكذا) هي هبة (في الجديد) لحديث الصحيحين العمري ميراث لأهلها وليس في جعلها له مدة حياته ما ينافي انتقالها إلى ورثته فإن الأملاك كلها مقدرة بحياته
والقديم بطلانه كما لو قال أعمرتك سنة
(و) على الجديد (لو قال) مع قوله أعمرتكها (فإذا مت عادت إلي) أو إلى وارثي (فكذا) هي هبة وإعمار صحيح (في الأصح) وبه قطع الأكثرون كما في الروضة ويلغو ذكر الشرط لإطلاق الأحاديث الصحيحة
فإن قيل هذا شرط فاسد فهلا بطلت العمري كالبيع أجيب بأن شروط البيع تقابل ببعض الثمن فإذا بطلت يسقط ما يقابلها فيصير الثمن مجهولا فيبطل والعمري لا ثمن فيها فلذلك صحت وبأن هذا الشرط يقتضي فسخا منتظرا ولا يضر الهبة بدليل هبة الأب لإبنه ويضر البيع
قال السبكي وقضية الجواب الأول أنه لو قيد الهبة بالشرط المذكور صحت كالعمري وهو كذلك
فائدة قال البلقيني ليس لنا موضع يصح فيه العقد مع وجود الشرط الفاسد المنافي لمقتضاه إلا هذا
والثاني يبطل العقد لفساد الشرط وعلى القديم يبطل من باب أولى كما ذكره في المحرر
تنبيه قد يقتضي كلام المصنف أنه لو قال جعلتها لك عمرى أو عمر زيد فإنه يبطل وهو الأصح لخروجه عن اللفظ المعتاد لما فيه من تأقيت الملك فإن الواهب أو زيدا قد يموت أولا بخلاف العكس فإن الإنسان لا يملك إلا مدة حياته
____________________

الصفحة 398