كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

التعريف السابق إذ الحظ لمالكها فقط
( بل يرتبها القاضي من بيت المال ) قال ابن الرفعة قرضا
وقال الأذرعي الأقرب أنه إنفاق ويدل له قول المصنف ( أو يقترض على المالك ) وهذا هو الذي يدل عليه كلام الأصحاب
أما إذا قلنا لا يجب التعريف فالملتقط متبرع إن عرف وللقاضي أن يأمر الملتقط بصرف المؤنة من ماله ليرجع على المالك أو يبيع بعضها إن رآه كما لو هرب الجمال
( وإن أخذ ) اللقطة ( لتملك ) وجب عليه تعريفها جزما كما مر و ( لزمته ) مؤنة التعريف سواء أتملكها أم لا لأن الحظ له
( وقيل إن لم يتملك ) أي اللقطة كأن ظهر مالكها ( فعلى المالك ) لعود الفائدة إليه
تنبيه ظاهر كلام المصنف أنه إذا تملك ثم ظهر المالك ورجع فيها لم يجيء هذا الوجه
وتعبير الروضة والشرحين بظهور المالك يشمل ظهوره بعد التملك قال السبكي وهو أحسن فإنه متى ظهر قبل التملك أو بعده رجع على هذا الوجه قال فلو قال المنهاج وقيل إن ظهر المالك فعليه لكان أخلص اه
وكالتملك قصد الاختصاص وقصد الإلتقاط للخيانة
وما ذكره المصنف هو في مطلق التصرف أما لو التقط محجور عليه بسفه أو صبي أو جنون فليس لوليه إخراج مؤنة التعريف من ماله كما مرت الإشارة إليه بل يرفع الأمر إلى الحاكم فيبيع جزءا من اللقطة المؤنة التعريف وإن قال الأذرعي في النفس منه شيء
( والأصح أن الحقير ) أي القليل المتمول ولا يقدر بشيء في الأصح بل ما هو ما يغلب على الظن أن فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له غالبا لأن ذلك دليل على حقارته
وقدر بالدينار وقدر بالدرهم كما في التنبيه لقول عائشة رضي الله تعالى عنها لا بأس بما دون الدرهم أن يستنفع به وقدر بما لا تقطع فيه يد السارق
( لا يعرف سنة ) لأن فاقده لا يدوم على طلبه سنة بخلاف الخطير
والثاني يعرف سنة لعموم الأخبار ولأنها جهة من جهات التملك فاستوى فيها القليل والكثير
قال الأذرعي وهذا هو المذهب المنصوص وقول الجمهور قال ويشكل على ترجيح الرافعي الفرق بين الحقير وغيره قوله إن الأكثر قالوا إن ما ليس بمال كالكلب الذي فيه منفعة يقتنى لها يعرف سنة ثم يختص به اه
وهذا ليس بمشكل لأن الكلب ونحوه من الاختصاصات يكثر عليه الأسف فإن فرض قلته عليه فهو داخل في قول المصنف ( بل ) الأصح يعرفه ( زمنا يظن أن فاقده يعرض عنه غالبا ) ويختلف ذلك باختلاف المال وأما غيره فسيأتي الكلام عليه قال الروياني فدانق الفضة يعرف في الحال ودانق الذهب يوما أو يومين أو ثلاثة
تنبيه عبارة الروضة والشرحين مدة يظن في مثلها طلب فاقدها فإذا غلب على الظن إعراضه سقط وهذه العبارة ظاهرة
فإن قيل كان ينبغي للمصنف أن يقول لا يعرض أو يقول إلى زمن
أجيب بأن لا تقدر في الكلام الفصيح كما قدرت في قوله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية } كما عليه أكثر المفسرين وبأن زمنا منصوب عطفا على سنة أي لا يعرفها إلى سنة بل إلى زمن إلخ لأن بل لا تعطف الجمل بل هي معها حرف ابتداء وقد مرت الإشارة إلى ذلك في كتاب الطهارة عند قول المصنف بل يخلطان
ومقابل الأصح يكفي مرة لأنه يخرج بها عن حد الكتمان وقيل لا يجب تعريف القليل أصلا
أما ما لا يتمول كحبة بر وزبيبة لم يجب تعريفه ويستبد به واجده فقد قيل إن عمر رضي الله تعالى عنه سمع رجلا ينشد في الطواف زبيبة فقال إن من الورع ما يمقته الله ومر صلى الله عليه وسلم مرة بتمرة في الطريق فقال لولا أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها
ولكن هل يزول ملك صاحبه عنه إذا وقع فيه وجهان في الوافي والأصح أن ملكه لا يزول بذلك بدليل ما قالوه فيما لو حمل السيل حبة أو نواة إلى أرض غيره فإنه يلزمه قلعها وإن أعرض عنها فهي لمالك الأرض فعلم أنه لا يزول ملكه إلا بالإعراض
فإن قيل إذا لم يزل ملكه إلا بالإعراض فكيف يستبد به واجده أجيب بأن هذا من المباح المستفاد بالعادة كالشرب من الأنهار وأما التقاط السنابل ونحوها في وقت الحصاد فيجوز إذا ظن إعراض المالك عنها أو ظن رضاه بأخذها وإلا فلا
ولا
____________________

الصفحة 414