كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

من عادته الاستهزاء والخلاعة كما بحثه الزركشي ( من رد عبد زيد فله كذا استحقه الراد على الأجنبي ) لأنه التزمه
وليس الجعل عوض تمليك وبهذا خالف الثمن في البيع حيث لا يجوز إلا ممن يقع المالك له
فإن قيل إنه لم يلتزمه بقوله علي ويحتمل أنه يريد فله كذا على مالكه فيكون فضوليا محضا فلا يصح ولا يلزم واحدا منهما
أجيب بأنهم جعلوه التزاما عند الإطلاق لأنه سابق إلى الفهم
وصور ابن يونس المسألة بما إذا قال فله علي ثم قال وألحق الأئمة به قوله فله كذا وإن لم يقل علي لأن ظاهره التزام
فإن قيل لا يجوز لأحد بهذا القول وضع يده على الآبق بل يضمن فكيف يستحق الأجرة أجيب بأنه لا حاجة إلى الإذن في ذلك لأن المالك راض به قطعا أو بأن صورة ذلك أن يأذن المالك لمن شاء في الرد أو يكون للأجنبي ولاية على المالك ولو صدق الراد المنادي على أمر السيد لم يرجع على المنادي قاله الماوردي
تنبيه قد يفهم تعبير المصنف كغيره بالأجنبي أنه لو قال الولي ذلك عن محجوره على وجه المصلحة بحيث يكون الجعل قدر أجرة مثل ذلك العمل أن الراد يستحقه في مال المالك بمقتضى قول وليه قال بعض المتأخرين وهو واضح ولم أر من تعرض له اه
فإن ثبت هذا لم يصح الجواب الأخير عن السؤال الثاني
( وإن قال ) الأجنبي ( قال زيد من عبدي فله كذا وكان ) الأجنبي ( كاذبا لم يستحق ) العامل ( عليه ) أي الأجنبي لعدم التزامه ( ولا على زيد ) إن كذب القائل وإن صدقه استحق العامل على زيد إن كان القائل ثقة وإلا فهو كما لو رد عبد زيد غير عالم بإذنه والتزامه فلا شيء له على زيد وإن صدقة كما في أصل الروضة فإن أنكر المالك الخبر لم تقبل شهادة القائل الثقة عليه لأنه متهم في ترويج قوله
( ولا يشترط قبول العامل ) لفظا ( وإن عينه ) الجاعل أما في غير المعين فلاستحالة طلب جوابه وأما في المعين فلما فيه من التضييق في محل الحاجة وعليه قال القمولي لو قال لغيره إن رددت عبدي فلك دينار فقال أرده بنصف دينار فالوجه القطع باستحقاق الدينار
فإن قيل قياس ما في الروضة وأصلها في باب الخلع أنه لو قالت له زوجته طلقني بألف فطلق بخمسمائة فإنه يقع بها أنه يستحق هنا نصف الدينار
أجيب بأن الخلع لما كان فيه شوب معاوضة من جهة الزوج وقد رضي ببعض ما شرط له اعتبر
وأما الركن الثاني هو العاقد فيشترط في الملتزم للجعل مالكا كان أو غيره أن يكون مطلق التصرف فلا يصح من صبي ومجنون ومحجور سفه
وأما العامل فإن كان معينا اشترط فيه أهلية العمل فيدخل فيه العبد وغير المكلف بإذن وغيره كما قاله السبكي خلافا لابن الرفعة في العبد إذا لم يأذن له سيده
ويخرج عنه العاجز عن العمل كصغير لا يقدر عليه لأن منفعته معدومة فأشبه استئجار الأعمى للحفظ قاله ابن العماد
وإن كان مبهما كفى علمه بالنداء
قال الماوردي هنا لو قال من جاء بآبقي فله دينار فمن جاء به استحق من رجل أو امرأة أو صبي أو عبد عاقل أو مجنون إذا سمع النداء أو علم به لدخولهم في عموم قوله من جاء
وهذا هو المعتمد خلافا لما قاله في السير من عدم استحقاق الصبي والعبد إذا قام به بغير إذن سيده
ثم شرع في الركن الثالث وهو العمل فقال ( وتصح ) الجعالة ( على عمل مجهول ) كرد آبق للحاجة ولأن الجهالة إذا احتملت في القرض لحصول زيادة فاحتمالها في رد الحاصل أولى
فإن قيل إن هذا قد علم من تمثيله أول الباب برد الآبق
أجيب بأن ذكره هنا لضرورة التقسيم وأطلق تبعا للرافعي صحتها على المجهول وهو مخصوص كما قال ابن الرفعة تبعا للقاضي حسين بما عسر علمه كما مر فإن سهل تعين ضبطه إذ لا حاجة إلى احتمال الجهالة ففي بناء حائط يبين طوله وعرضه وارتفاعه وموضعه وما يبنى عليه وفي الخياطة يعتبر وصف الثوب والخياطة
( وكذا ) كل عمل ( معلوم ) يقابل بأجرة كالخياطة والبناء تصح الجعالة عليه ( في الأصح ) لأنه إذا جاز مع الجهالة فمع العلم أولى
والثاني المنع استغناء بالإجارة
وسواء في العمل الواجب وغيره فلو حبس ظلما فبذل مالا لمن يتكلم
____________________

الصفحة 430