كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

في خلاصه بجاهه أو بغيره جاز كما نقله المصنف في فتاويه عن جماعة وإن كان هذا العمل فرض كفاية
تنبيه يشترط في العمل كونه فيه كلفة وعلى هذا لو سمع النداء من المطلوب في يده فرده وفي الرد كلفة كالآبق استحق الجعل وإلا فلا يستحق شيئا لأن ما لا كلفة فيه لا يقابل بعوض
وشمل كلامهم ما لو كان المال في يده بجهة توجب الرد كالغصب والعارية وقضيته الاستحقاق بالرد إن كان فيه كلفة ولكن تعليلهم عدم استحقاق من دل على ما في يده أنه لا يستحق شيئا لأن ذلك واجب عليه شرعا يقتضي خلافه وهذا هو الظاهر كما قاله بعض شراح الكتاب
ولو جعل لمن أخبره بكذا جعلا فأخبره به لم يستحق شيئا لأنه لا يحتاج فيه إلى عمل فإن تعب وصدق في أخباره وكان للمستخبر غرض في المخبر به كما صرح به الرافعي في آخر الباب استحق الجعل
ثم شرع في الركن الرابع وهو الجعل فقال ( ويشترط ) لصحة الجعالة ( كون الجعل ) مالا ( معلوما ) لأنه عوض كالأجرة ولأنه عقد جوز للحاجة ولا حاجة لجهالة العوض بخلاف العمل والعامل
( فلو ) كان مجهولا كأن ( قال من رده ) أي عبدي مثلا ( فله ثوب أو أرضيه ) أو نحوه أو كان الجعل خمرا أو مغصوبا ( فسد العقد ) لجهل الجعل أو نجاسة عينه أو عدم القدرة على تسليمه ( وللراد أجرة مثله ) كالإجارة الفاسدة
واستثني من هنا صورتان الأولى ما إذا قال حج عني وأعطيك نفقتك فإنه يجوز مع جهالتها كما جزم به الرافعي في الشرح الصغير والمصنف في الروضة وقيل إن هذه أزراق لا جعالة وإنما يكون جعالة إذا جعله عوضا فقال حج عني بنفقتك وقد صرح الماوردي في هذه الصورة بأنها جعالة فاسدة ونص عليه في الأم
الثانية مسألة العلج وستأتي في السير إن شاء الله تعالى
تنبيه لو وصف الجعل بما يفيد العلم استحقه العامل كما جزم به في الأنوار ونقله في أصل الروضة عن المتولي
فإن قيل قد تقرر في البيع والإجارة وغيرهما أن الشيء المعين لا يغني وصفه عن رؤيته وحينئذ فله أجرة المثل هنا
أجيب بأن تلك العقود عقود لازمة بخلاف الجعالة فاحتيط لها ما لم يحتط للجعالة
ولو قال من رد رقيقي مثلا فله ثيابه أو ربعه استحق المشروط إن علمه وإلا فأجرة المثل
وهل يكفي الوصف في الرقيق أو لا لتفاوت الأغراض فيه خلاف والذي ينبغي أنه إن وصفه مما يفيد العلم الصحة
فائدة الإعتبار بأجرة المثل بالزمان الذي حصل فيه كل العمل لا بالزمان الذي حصل فيه التسليم كما قالوه في المسابقة
( ولو قال ) شخص بناء على صحة الجعالة على عمل معلوم من رد عبدي مثلا ( من بلد كذا ) فله كذا ( فرده ) العامل ( من ) مكان ( أقرب منه فله قسطه ) أي الأقرب ( من الجعل ) لأنه جعل كل الجعل في مقابلة العمل فبعضه في مقابلة البعض فإن رده من نصف الطريق مثلا استحق نصف الجعل ويجب فرضه كما قال ابن الرفعة فيما إذا تساوت الطريق سهولة وحزونة فإن تفاوتت بأن كانت أجرة نصف المسافة ضعف أجرة النصف الآخر فيقابله ثلثا الجعل
تنبيه شمل قوله أقرب تلك البلدة وغيرها وهو كذلك وإن نظر في ذلك السبكي
فلو قال مكي من رد عبدي من عرفة فله كذا فرده من منى أو من التنعيم استحق بالقسط لأن التنصيص على المكان إنما يراد به الإشارة إلى موضع الآبق أو مظنته لا أن الرد منه شرط في أصل الاستحقاق إذ لو أريد حقيقة ذلك المكان لكان إذا رده من دونه لا يستحق شيئا لأنه لم يرده منه
وخرج ب أقرب ما لو رده من أبعد فلا يستحق للزيادة شيئا
( ولو ) عمم المالك النداء كأن قال من رد عبدي فله كذا و ( اشترك ) حينئذ ( اثنان ) مثلا غير معينين ( في رده اشتركا في الجعل ) لحصول الرد منهما والاشتراك فيه على عدد الرؤوس وإن تفاوتا في العمل لأنه لا ينضبط أي غالبا حتى يقع التوزيع عليه
وخالف هذا ما لو قال من دخل داري فأعطه درهما فدخل جمع استحق كل واحد درهما لأن كل واحد دخل وليس كل واحد يراد وما لو قال من حج عني فله دينار فحج عنه اثنان معا لم يستحق واحد منهما شيئا لأن أحدهما ليس أولى من الآخر كالوليين
____________________

الصفحة 431