كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 2)

في المجموع والأمر كما قال الرافعي أي من الإشكال لكن الظاهر أي من حيث النقل الصحة
أما الموافقة لفظا فلا تشترط فلو قال بعتك فقال اشتريت أو نحوه صح ولو قال بعتك هذه الدار مثلا بألف على أن لي صفها صح كما لو قال إلا نصفها
ولا ينعقد البيع بالألفاظ التي بمعنى الهبة ك أعمرتك أو أرقبتك كما جزم به في التعليقة تبعا لأبي علي الطبري فليس بصريح ولا كناية خلافا لبعض المتأخرين وإنما صحت الهبة بهذا اللفظ للنص
ولو قال أسلمت إليك كذا في هذا الثوب مثلا فقبل لم ينعقد بيعا ولا سلما كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى
ولا بد أن يقصد بلفظ البيع معنى البيع كما في نظيره في الطلاق فلو لم يقصده أصلا كمن سبق لسانه إليه أو قصده لا لمعناه كمن لقن أعجميا ما لا يعرف مدلوله لم ينعقد نعم إن قصد البيع أو غيره هازلا صح كما في الطلاق
( وإشارة الأخرس ) وكتابته ( بالعقد كالنطق ) للضرورة لأن ذلك يدل على ما في فؤاده كما يدل عليه النطق من الناطق
ولا حاجة إلى قوله من زيادته بالعقد بل قال السبكي إنها مضرة لأن الفسخ والدعاوى والأقارير ونحو ذلك كذلك ولكن احترز به عن إشارته في الصلاة وبالشهادة وفيما إذا حلف لا يتكلم أو حلف عليه فليس لها حكم النطق
وأعاد المصنف هذه المسألة في الطلاق وضم الحلي إلى العقد وسيأتي فيه إن شاء الله تعالى أن إشارته إن فهمها الفطن وغيره فصريحة أو الفطن فقط فكناية
تنبيه قال بعض المتأخرين ويحتاج المصنف أن يزيد فيه فيقول كالنطق فيه وإلا يلزمه أن يكون قبول الأخرس البيع في الصلاة كقبول النطق فتبطل صلاته
ثم شرع في الركن الثاني وهو العاقد وقدمه على المعقود عليه لتقدم الفاعل على المفعول طبعا فقال ( وشرط العاقد ) بائعا أو مشتريا ( الرشد ) وهو أن يتصف بالبلوغ والصلاح لدينه وماله فلا يصح من صبي وإن قصد اختباره ولا من مجنون ولا من محجور عليه بسفه ولو بغبطة وإنما صح بيع العبد من نفسه لأن مقصوده العتق
تنبيه قال المصنف في دقائقه إن عبارته أصوب من قول المحرر يعتبر في المتبايعين التكليف لأنه يرد عليه ثلاثة أشياء أحدها أن ينتقض بالسكران فإنه يصح بيعه على المذهب مع أنه غير مكلف كما تقرر في كتب الأصول
الثاني أنه يرد عليه المحجور عليه بسفه فإنه لا يصح بيعه مع أنه مكلف
والثالث المكره بغير حق فإنه مكلف ولا يصح بيعه قال ولا يرد واحد منها على المنهاج اه
بل ولا على المحرر
أما السكران ففي كونه مكلفا خلاف وقد نص الشافعي رحمه الله تعالى على أنه مكلف فقال وهذا أي السكران آثم مضروب على السكر غير مرفوع عنه القلم اه
وسيأتي تحريره في الطلاق إن شاء الله تعالى
وأما السفيه والمكره فلأن معنى قوله ويعتبر في المتبايعين التكليف أنه لا بد في كل بيع منه وهو صحيح ولا يلزم عكسه وهو اعتبار بيع كل مكلف ولكن التعرض لهما أحسن لكن لا يردان على المحرر
واعترض عليه بأمور كما يدين الشخص يدان أحدها أن تعبيره يخرج السكران أيضا كما أخرجه قيد التكليف عند الأصوليين إلا أن يفرض في سكر لا يخرجه عن الرشد لجهل أو إكراه وهو نادر
ثانيها أن يرد عليه الفاسق فإن بيعه صحيح وليس برشيد إذ الرشد صلاح الدين والمال
وثالثها أنه يرد عليه أيضا من طرأ سفهه بعد فك الحجر عنه فإنه لا بد من إعادة الحجر عليه فإذا باع قبل إعادة الحجر عليه صح مع أنه ليس برشيد
ورابعها أن عبارته تتناول الصبي كما قال بعضهم فإنه وصفه بالرشد في قوله في الصيام أو صبيان رشداء
وخامسها الأعمى لا يصح بيعه ولا شراؤه كما سيأتي آخر الباب مع أنه رشيد ولو عبر بمطلق التصرف لسلم من ذلك
( قلت وعدم الإكراه بغير حق ) فلا يصح عقد مكره في ماله بغير حق لقوله تعالى { إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم }
ولا أثر لقول المكره بغير حق إلا في الصلاة فتبطل به في الأصح ولا لفعله إلا في الرضاع والحدث والتحول عن القبلة وترك القيام في الفريضة مع القدرة وكذا القتل ونحوه في الأصح وكل هذا يأتي في باب الطلاق إن شاء الله تعالى
ويرد على الأول ما لو أكرهه على طلاق زوجة نفسه أو بيع ماله أو عتق عبده وما أشبه ذلك فإنه ينفذ وعلى الثاني ما لو أكره على إتلاف مال الغير أو أكله أو تسليم الوديعة فإنه يضمن الجميع وما لو أكره مجوسي مسلما على ذبح شاة أو محرم حلالا على ذبح صيد فذبحه فإنه يحل وما لو أكرهه على غسل ميت لم يتوجه عليه غسله فإنه يصح وما لو أكره على وطء زوجته أو أمته
____________________

الصفحة 7