كتاب الشرح الكبير على متن المقنع (اسم الجزء: 2)

عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه الإمام أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما، وروي عن علي عليه السلام أنه قال ليس على الفطرة من قرأ خلف الإمام، وقال ابن مسعود وددت ان من قرأ خلف الامام ملئ فوه تراباً ولأن القراءة لو وجبت على المأموم لما سقطت عن المسبوق كسائر الأركان.
وأما أحاديثهم فالحديث الاول الصحيح محمول على غير المأموم وكذلك حديث أبي هريرة وقد جاء مصرحاً به فروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج إلا وراء الامام " رواه الخلال، وقول أبي هريرة اقرأ بها في نفسك من كلامه ورأيه قد خالفه غيره من الصحابة وحديث عبادة لم يروه غير ابن إسحق ونافع بن محمود بن الربيع وهو أدنى حالا من ابن إسحق وقياسهم على المنفرد لا يصح لأن المنفرد ليس له من يتحمل عنه القراءة بخلاف المأموم * (مسألة) * (ويستحب أن يقرأ في سكتات الامام وما لا يجهر فيه أو لا يسمعه لبعده فإن لم يسمعه لطرش فعلى وجهين) وهو قول جماعة من أهل العلم روي نحوه عن عبد الله بن عمر وهو قول مجاهد والحسن والشعبي وسعيد بن المسيب وعروة وغيرهم قال أبو سلمة بن عبد الرحمن للامام سكتتان
فاغتنم فيهما القراءة بفاتحة الكتاب إذا دخل في الصلاة واذا قال ولا الضالين، وقال عروة أما أنا فأغتنم من الامام اثنتين اذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين فأقرأ عندها وحين يختم السورة فأقرءوا قبل أن يركع، وهذا قول الشافعي، وقالت طائفة لا يقرأ خلف الامام في سر ولا جهر يروي ذلك عن تسعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرناهم في المسألة قبلها رواه سعيد في سننه.
وقال إبراهيم النخعي انما أحدث الناس القراءة وراء الامام زمان المختار لأنه كان يصلي بهم صلاة النهار دون الليل فاتهموه فقرأوا خلفه، وكره ابراهيم القراءة خلف الإمام وقال يكفيك قراءة الامام وهذا قول ابن عيينة والثوري وأصحاب الرأي لما روى جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة " ولأنه مأموم فلم يقرأ كحالة الجهر ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أسررت بقراءتي فاقرأوا " رواه الدارقطني ولقول الراوي في الحديث الصحيح فانتهى الناس أن يقرأوا فيما جهر فيه النبي صلى الله عليه وسلم كذلك رواه الإمام أحمد وسعيد بن منصور والقياس في حالة الجهر لا يصح لأنه أمر فيها بالانصات لاستماع قراءة الامام بخلاف هذا.
إذا ثبت هذا فإنه يقرأ في حالة الجهر في سكتات الامام بالفاتحة وفي حال الاسرار يقرأ بالفاتحة وسورة كالامام والمنفرد * (فصل) * فإن لم يسمع الامام في حال الجهر لبعده قرأ نص عليه قيل له أليس قد قال الله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) قال هذا الى أي شئ يستمع قيل له فالاطروش قال لا أدري قال شيخنا وهذا ينظر فيه فإن كان بعيداً قرأ أيضاً وإن كان قريباً قرأ في نفسه بحيث لا يشتغل من

الصفحة 12