كتاب زاد المسير في علم التفسير (اسم الجزء: 2)

(491) والثالث: مائة سنة، قاله عبد الله بن بسر «1» المازني وأبو سلمة بن عبد الرحمن.
والرابع: مائة وعشرون سنة، قاله زُرارة بن أوفى، وإياس بن معاوية. والخامس: عشرون سنة، حكاه الحسن البصري. والسادس: سبعون سنة، ذكره الفراء. والسابع: أن القرن: أهل كل مدة كان فيها نبيٌّ، أو طبقة من العلماء، قلَّتِ السّنون، أو كثرت بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:
(492) «خيركم قرني» يعني: أصحابي «ثم الذين يلونهم» يعني: التابعين «ثم الذين يلونهم» يعني: الذين أخذوا عن التابعين. فالقرن: مقدار التوسط في أعمار أهل الزمان فهو في كل قوم على مقدار أعمالهم.
واشتقاق القرن: من الاقتران. وفي معنى ذلك الاقتران قولان: أحدهما: أنه سمي قرنا، لأنه المقدار الذي هو أكثر ما يقترن فيه أهل ذلك الزمان في بقائهم. هذا اختيار الزجاج. والثاني: أنه سمي قرناً، لأنه يَقْرِنُ زماناً بزمانٍ، وأُمَّةً بأمَّةٍ، قاله ابن الأنباري. وحكى ابن قتيبة عن أبي عبيدة قال: يرون أن أقل ما بين القرنين: ثلاثون سنة.
قوله تعالى: مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ قال ابن عباس: أعطيناهم ما لم نُعطِكم. يقال: مكَّنتُه ومكَّنتُ له: إذا أقدرته على الشيء باعطاء ما يصح به الفعل من العدة. وفي هذه الآية رجوع من الخبر إلى الخطاب. فأما السماء: فالمراد بها المطر. ومعنى «أرسلنا» : أنزلنا. و «المدرار» : مفعال، من درَّ يَدِرُّ والمعنى: نرسلها كثيرة الدَّرِّ. ومِفعال: من أسماء المبالغة، كقولهم: امرأة مذكار: إذا كانت كثيرة الولادة للذكور، وكذلك مئناث. فان قيل: السماء مؤنَّثَة، فلم ذكَّر مدراراً؟! فالجواب:
أن حكم ما انعدل من النعوت عن منهاج الفعل وبنائه، أن يلزم التذكير في كلِّ حال، سواء كان وصفاً لمذكّر أو مؤنّث كقولهم: امرأة مذكار، ومعطار وامرأة مذكر، ومؤنث: وهي كفور، وشكور. ولو
__________
ورد ذلك مرفوعا وهو حديث قوي. علقه البخاري في «التاريخ الكبير» 1/ 323 و «الصغير» 1/ 216 قال: قال داود بن رشيد حدثنا أبو حياة شريح بن يزيد الحضرمي عن إبراهيم بن محمد بن زياد عن أبيه عن عبد الله بن بسر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يعيش هذا الغلام قرنا» ، فعاش مائة سنة. وذكره الهيثمي في «المجمع» 16119 بأتم منه وقال رواه الطبراني والبزار باختصار إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليدركن قرنا» ورجال أحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب الحضرمي، وهو ثقة اهـ.
وورد بنحوه عن الحسن بن أيوب الحضرمي قال: أراني عبد الله بن بسر شامة في قرنه فوضعت إصبعي عليها فقال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه عليها وقال: «لتبلغن قرنا» أخرجه أحمد 4/ 189 والطبراني كما في «المجمع» 16120. قال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب، وهو ثقة، ورجال الطبراني ثقات اهـ. وانظر «الإصابة» 2/ 281- 282 (4565) .
الخلاصة هو حديث صحيح بمجموع طرقه وشواهده.
حديث صحيح. لكن لفظ «يعني ... » ليس من الحديث. أخرجه البخاري 2651 و 3650 و 6428 و 6695 ومسلم 214 و 215 و 2535 وأبو داود 4657، والترمذي 2222 والنسائي 7/ 17 و 18، والطيالسي 852 وأحمد 4/ 427 و 436 و 440 وابن حبان 6729. والبيهقي 10/ 123 و 160 وفي «الدلائل» 6/ 552. من حديث عمران بن حصين. وله شواهد.
__________
(1) وقع في المطبوع «بشر» والمثبت عن كتب الحديث والتراجم.

الصفحة 10