كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة (اسم الجزء: 2)

قَدِّمِي لِي الْفِرَاشَ إِلَى وَسَطِ الْبَيْتِ ثُمَّ اضْطَجَعَتْ وَوَضَعَتْ يَدَهَا تَحْتَ خَدِّهَا وَاسْتَقْبَلَتِ الْقِبْلَةَ ثُمَّ قَالَتْ يَا أُمَّاهُ إِنِّي مَقْبُوضَةٌ الْيَوْمَ وَإِنِّي قَدِ اغْتَسَلْتُ فَلا يَكْشِفْنِي أَحَدٌ فَقُبِضَتْ مَكَانَهَا فَجَاءَ عَلِيٌّ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ لَا يَكْشِفُهَا أَحَدٌ فَدَفَنَهَا بِغُسْلِهَا ذَلِكَ (ابْن الْجَوْزِيّ) وَلَا يَصح فِيهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق مَجْرُوح وَرُوِيَ من طرق أُخْرَى وَلَا يَصح مِنْهَا شَيْء وَكَيف يَصح الْغسْل للْمَوْت قبل الْمَوْت، هَذَا لَا تصلح إِضَافَته إِلَى فَاطِمَة وَعلي بل ينزهان عَنهُ (تعقب) بِأَن الحَدِيث من طَرِيق ابْن إِسْحَاق أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي القَوْل المسدد حمل ابْن الْجَوْزِيّ على ابْن إِسْحَاق لَا طائل تَحْتَهُ فَإِن الْأَئِمَّة قد قبلوا حَدِيثه وَأكْثر مَا عيب عَلَيْهِ التَّدْلِيس وَالرِّوَايَة عَن المجهولين وَأما هُوَ بِنَفسِهِ فصدوق وَهُوَ حجَّة فِي الْمَغَازِي عِنْد الْجُمْهُور والْحَدِيث رَوَاهُ أَيْضا عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيقه عَن عبد الله ابْن مُحَمَّد بن عقيل مُرْسلا وَهُوَ يعضد مُسْند ابْن إِسْحَاق نعم هُوَ مُخَالف لما رَوَاهُ غَيرهمَا من أَن عليا وَأَسْمَاء بنت عُمَيْس غسلا فَاطِمَة وَقد تعقب هَذَا أَيْضا وَشرح ذَلِك يطول إِلَّا أَن الحكم يكون هَذَا الْخَبَر مَوْضُوعا غير مُسلم انْتهى وَأما إِنْكَار ابْن الْجَوْزِيّ الْغسْل للْمَوْت قبل الْمَوْت فَجَوَابه احْتِمَال أَن ذَلِك خصيصة لفاطمة خصها بهَا أَبوهَا ورضى عَنْهَا كَمَا خص أخاها إِبْرَاهِيم بترك الصَّلَاة عَلَيْهِ (قلت) وَقد اسْتدلَّ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي الْمُهَذّب بالْخبر الْمَذْكُور على اسْتِحْبَاب إضجاع المحتضر على جنبه الْأَيْمن مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه إِنَّه خبر غَرِيب لَا ذكر لَهُ فِي الْكتب الْمَشْهُورَة وَفَاته أَنه فِي مُسْند أَحْمد وَاسْتدلَّ بِهِ الزَّرْكَشِيّ فِي الْكَلَام على اسْتِحْبَاب الِاغْتِسَال للمحتضر وَالله تَعَالَى أعلم.
(20) [حَدِيثٌ] لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيَكَ (خطّ) من حَدِيث وَاثِلَة ابْن الْأَسْقَع وَلَا يَصح فِيهِ عمر بن إِسْمَاعِيل بن مجَالد وَتَابعه الْقَاسِم بن أُميَّة الْحذاء أخرجه ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَقَالَ الْقَاسِم لَا يحْتَج بِهِ وَهَذَا لَا أصل لَهُ (تعقب) بِأَن التِّرْمِذِيّ أخرجه من الطَّرِيقَيْنِ وَقَالَ حَدِيث حسن غَرِيب (قلت) انْقَلب اسْم الْقَاسِم فِي سَنَد التِّرْمِذِيّ فَقَالَ أُميَّة بن الْقَاسِم وَالصَّوَاب الْقَاسِم بن أُميَّة كَمَا نبه عَلَيْهِ الْحَافِظ الْمزي وَنَقله عَنهُ تِلْمِيذه العلائي ثمَّ قَالَ وَالقَاسِم هَذَا مَعْرُوف قَالَ فِيهِ أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم الرازيان صَدُوق فبرئ عمر ابْن إِسْمَاعِيل من عُهْدَة الحَدِيث وَهُوَ حسن كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ لكنه غَرِيب كَمَا قَالَ لِتَفَرُّد الْقَاسِم انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم وَله طَرِيقَانِ آخرَانِ (قلت) فِي أَحدهمَا مُتَّهم وَفِي الآخر

الصفحة 369