بالتثقيل، ومن قرأها بالتخفيف {يَكْذِبُونَ} يعني: في قولهم (¬١). (ز)
تفسير الآية:
٥٥٥ - عن عبد الله بن عباس -من طريق أبي رَوْق، عن الضحاك- في قوله: {بما كانوا يكذبون}، قال: يُبَدِّلُون ويُحَرِّفون (¬٢). (١/ ١٦٠)
٥٥٦ - عن قتادة، في قوله: {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}، قال: إيّاكم والكَذِبَ؛ فإنّه باب النفاق، وإنّا -والله- ما رأينا عملًا قطُّ أسرعَ في فساد قلب عبدٍ من كِبْر أو كَذِب (¬٣). (١/ ١٦١)
٥٥٧ - قال مقاتل بن سليمان: {بما كانوا يكذبون} لقولهم: آمنّا بالله، وباليوم الآخر (¬٤). (ز)
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}
٥٥٨ - عن عبد الله بن مسعود، وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - -من طريق السدي، عن مرة الهمداني- = (١/ ١٦٢)
٥٥٩ - وعبد الله بن عباس -من طريق السدي، عن أبي مالك وأبي صالح- {وإذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قالُوا إنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ}: أمّا {لا تفسدوا في الأرض} فإنّ الفساد: هو الكفر، والعملُ بالمعصية (¬٥). (ز)
٥٦٠ - عن عَبّادِ بن عبد الله الأسدي، قال: قرأ سلمان هذه الآية: {وإذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ قالُوا إنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ}، قال: لم يجِئْ أهلُ هذه الآية بعدُ (¬٦) [٥٨]. (١/ ١٣)
---------------
[٥٨] وجَّه ابنُ جرير (١/ ٢٩٨)، وابنُ عطية (١/ ١٢١) قولَ سلمان بأنه أراد أنهم لم ينقرضوا، بل هم يجيئون في كل زمان، ويحتمل أنه أراد بهذا أنّ الذين يأتون بهذه الصفة أعظم فسادًا من الذين كانوا في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا أنّه عنى أنه لم يَمْضِ مِمَّن تلك صفتُه أحدٌ.
وذكر ابنُ جرير (١/ ٢٨٩) في مقابلة قولِ سلمان قولَ ابن مسعود وابن عباس وناس من الصحابة، وقولَ الربيع بن أنس، ثم رجَّح مستندًا إلى دلالة الإجماع ما أفادته أقوالُهم من القول بكونها نازلةً في المنافقين في عهد النبوة، وإن كانت تشمل غيرهم ممن يأتي بعدهم، فقال: «وإنما قلنا أوْلى التأويلين بالآية ما ذكرنا لإجماع الحُجَّة من أهل التأويل على أن ذلك صفة مَن كان بين ظهراني أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنافقين، وأنّ هذه الآيات فيهم نزلت، والتأويل المُجْمَعُ عليه أوْلى بتأويل القرآن مِن قولٍ لا دلالة على صحته من أصل ولا نظير».
وجمع ابنُ تيمية (١/ ١٥٦) بين قول سلمان والأقوال الأخرى، ولم ير بينها تَعارُضًا، فقال: « ... وقال تعالى: {وإذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قالُواْ إنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ * ألا إنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ ولَكِن لَاّ يَشْعُرُونَ} [البقرة: ١١ - ١٢]، والضمير عائد على المنافقين في قوله: {ومِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا بِاللهِ وبِاليَوْمِ الآخر وما هُم بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٨]، وهذا مُطْلَق يتناول مَن كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومَن سيكون بعدهم، ولهذا قال سلمان الفارسي - رضي الله عنهما -: إنه عنى بهذه الآية قومًا لم يكونوا خُلِقوا حين نزولها».
_________
(¬١) تفسير ابن أبي زمنين ١/ ١٢٢.
و {يَكْذِبُونَ} بفتح الياء مع تخفيف الذال قراءة متواترة، قرأ بها عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وقرأ بقية العشرة: «يُكَذِّبُونَ» بضم الياء، وتثقيل الذال. انظر: النشر ٢/ ٢٠٧ - ٢٠٨، والإتحاف ص ١٧٠.
(¬٢) أخرجه ابن أبي حاتم ١/ ٤٤ (١٢٠).
(¬٣) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
(¬٤) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٨٩.
(¬٥) أخرجه ابن جرير ١/ ٢٩٧. وعزاه السيوطي إليه مقتصرًا على ابن مسعود.
(¬٦) أخرجه ابن جرير ١/ ٢٩٧، وابن أبي حاتم ١/ ٤٥، وهو عند ابن أبي حاتم من طريق وكيع. وعزاه السيوطي إلى وكيع، كما أخرجه ابن جرير من طريق زيد بن وهب.