كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)

ولم ينفض ترابًا إلا كنت منه بمرأى ومسمع، فإن نكثه أرمت1 قواه، وإن أرمه فصمت2 عراه، بغرب3 مِقْوَلٍ لا يُفَلُّ حده، وأصالة رأي كمتاح4 الأجل لا وزر منه، أصدع5 به أديمه، وأفل به شبا حده، وأشحذ به عزائم المعتنز6، وأزيح به شُبَه الشاكِّين".
__________
1 أرم الحبل: فتله شديدًا.
2 حللت.
3 الغرب: حد كل شيء، والمقول: اللسان.
4 من إضافة الصفة للموصوف أي كالأجل المتاح: أي المقدر. والوزر: الملجأ.
5 أشق، والأديم: الجلد، وهو كناية عن غلبته إياه وانتصاره عليه.
6 في الأصل "المتقيز" وقد بحثت في كتب اللغة عن مادة "قيز" فلم أجد هذه المادة، فقلبت الكلمة على الأوجه التي يظن أنها محرفة عنها، ورجح لدى أنها محرفة من "المعتنز" من اعتنز: أي تنحى وانفرد، يريد الذين تنحوا عن الفتنة والنزاع بين علي ومعاوية وكانوا محايدين:
95- مقال عمرو بن العاص:
فقال عمرو بن العاص: "هذا والله يا أمير المؤمنين نجوم1 أول الشر، وأُفُول آخر الخير، وفي حسمه قطع مادته، فبادره بالجملة، وانتهز منه الفرصة، واردع بالتنكيل به غيره، وشرد به من خلفه".
__________
1 ظهور "مصدر نجم".
96- جواب ابن عباس:
فقال ابن عباس: "يابن النابغة، ضل والله عقلك، وسفه حلمك، ونطق الشيطان على لسانك، هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دُعِيَتْ نَزَالِ1 وتكافَحَ الأبطالُ، وكثرتِ الجراحُ، وتقصفت الرماحُ، وبرزت إلى أمير المؤمنين مصاولا، فانكفأ نحوك بالسيف حاملا، فلما رأيت الكواثرَ2 من الموت، أعددت حيلة السلامة
__________
1 نزال: اسم فعل بمعنى أنزل، أي حين قال الأبطال بعضهم لبعض: نزال.
2 جمع كوثر، وهو الكثير من كل شيء والنهر.

الصفحة 102