كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)

16- مقال عتبة بن أبي سفيان:
ثم تكلم عتبة بن أبي سفيان، فقال:
"يا حسن: كان أبوك شرَّ قريش لقريش، لسفكه لدمائها، وقطعه لأرحامها، طويل السيف واللسان، يقتل الحي ويعيب الميت، وإنك ممن قتل عثمان ونحن قاتلوك به.
وأما رجاؤك الخلافة فلست في زندها1 قادحًا، ولا في ميزانها راجحًا، وإنكم يا بني هاشم قتلتم عثمان، وإن في الحق أن نقتلك وأخاك به، فأما أبوك فقد كفانا الله أمره، وأقاد2 منه، وأما أنت فوالله ما علينا لو قتلناك بعثمان إثم ولا عدوان".
__________
1 الزند: العود الذي يقدح به النار.
2 أقاد القاتل بالقتيل: قتله به.
17- مقال المغيرة بن شعبة:
ثم تكلم المغيرة بن شعبة، فشتم عليًّا، وقال: والله ما أعيبه في قضية يخون، ولا في حكم يميل، ولكنه قتل عثمان، ثم سكتوا
18- رد الحسن بن علي عليهم:
فتكلم الحسن بن علي عليه السلام، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال:
"أما بعد يا معاوية، فما هؤلاء شتموني، ولكنك شتمتني، فحشًا ألفته، وسوء رأي عُرِفْتَ به، وخلقًا سيئًا ثَبَتّ عليه، وبغيًا علينا، عداوة منك لمحمد وأهله، ولكن اسمع يا معاوية واسمعوا، فلأقولن فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم، أنشدكم الله أيها الرهط، أتعلمون أن الذي شتمتموه منذ اليوم صلى القبلتين1 كلتيهما، وأنت يا معاوية
__________
1 كان صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستقبل الكعبة وهو بمكة، فلما هاجر إلى المدينة أمر أن يستقبل بيت المقدس تألفًا لليهود، فصلى إليه ستة أو سبعة عشر شهرًا ثم حول.

الصفحة 22