كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)

21- خطبة عابس بن أبي شبيب الشاكري:
فقام عابس بن أبي شبيب الشاكري، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"أما بعد، فإني لا أخبرك عن الناس، ولا أعلم ما في أنفسهم، وما أغرك منهم، والله أحدثك عما أنا موطن نفسي عليه، والله لأجيبنكم إذا دعوتم، ولأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربن بسيفي دونكم حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله.
فقام حبيب بن مظاهر الفقعسي فقال:
"رحمك الله قد قضيت ما في نفسك بواجِزٍ من قولك" ثم قال: "وأنا والله الذي لا إله إلا هو على مثل ما هذا عليه" وقال غيرهما مثل قولهما.
فبلغ ذلك النعمان بن بشير، فخرج، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
22- خطبة النعمان بن بشير:
"أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة، فإن فيهما يهلك الرجال، وتسفك الدماء، وتغصب الأموال –وكان حليمًا ناسكًا يحب العافية- قال: إني لا أقاتل من لم يقاتلني، ولا أثب على من لا يثب علي، ولا أشاتمكم، ولا أتحرش بكم، ولا آخذ بالقرفة1 ولا الظنة ولا التهمة، ولكنكم، إن أبديتم صفحتكم2 لي ونكثم بيعتكم، وخالفتم إمامكم، فوالله الذي لا إله غيره لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن لي منكم ناصر، أما إني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل".
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني أمية، فقال:
__________
1 القرفة: التهمة، وقرفه بالشيء: اتهمه.
2 أي جاهرتموني بالعدواة.

الصفحة 37