كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)

ونحن أهلَ البيتِ أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدَّعِين ما ليس لهم، والسائرين فيكم بالجَوْرِ والعدوان، وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقَّنا، وكان رأيكم غير ما أتتني كتبكم، وقدمت به علي رسلكم انصرفت عنكم".
فقال له الحْرُّ: إنا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر؟ فأخرج له الحسين خُرْجَيْنِ مملوءين صحفًا، فنشرها بين أيديهم، ثم سار الحسين في أصحابِهِ والحُرُّ يسايِرُهُ.
خطبة أخرى للحسين
...
32- خطبة أخرى له:
وقام الحسين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بذي حُسُم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، واستمرَّت1 جدًّا، فلم يبق منها إلا صُبابة كصبابة الإناء، وخسيسُ عيشٍ كالمرعى الوبيل، ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقًا، فإني لا أرى الموت إلا شهادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا برمًا2".
__________
1 في كتب اللغة: "مر الشيء يمر بضم الميم وفتحها مرارة وأمر" ولم أر فيها بناء "استمر" ولا مانع منه على أن الهمزة والسين والتاء للصيرورة: أي صارت مرة، ونظيره استحجر الطين، واستحصن المهر "صار حصانا" واستعرب القوم. وفي الأمثال: "إن البغاث بأرضنا يستنسر" "كان عنزا فاستتيس"، "قد استنوق الجمل".
2 البرم: السآمة والضجر، برم به كفرح.
33- خطبة زهير بن القين البجلي:
فقام زهير بن القين البجلي، فقال لأصحابه: تكلمون أم أتكلم؟ قالوا: لا، بل تكلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

الصفحة 47